فيما تتجه مكاتب العديد من الفضائيات العربية، والشبكات الإعلامية العالمية، الى إقفال مكاتبها، أو تقليص فريقها العامل في بيروت، ذهبت «bbc عربي» الى التوسّع في فريقها المتمركز في العاصمة اللبنانية وزيادة حجم الإنتاج. الزائر الى مكاتب الشبكة البريطانية في وسط بيروت، يلحظ حتماً النفضة التي أجريت عليها، وتوسيع حجم مساحتها، فباتت تتوزع على جناحين: البرامج والأخبار. هذا المكتب (طابق كامل)، الذي يبدو كخلية نحل، زاره أخيراً مدير القسم العربي في bbc، سمير فرح، وكان لـ «الأخبار» حديث خاص معه.
فرح تولّى دفة الإدارة العامة في الشبكة البريطانية (القسم العربي) العام الماضي، بعدما كان رأس الهرم في إدارة البرامج، علماً أنّه ذو باع طويل في العمل داخل المؤسسة وعلى شاشتها. وها هو اليوم يضع ثقله على تنفيذ خطة متكاملة، تخوّل القسم العربي في bbc، دخول مناطق عدة، أبرزها شمال أفريقيا والخليج، وتحقيق استثمار ملحوظ فيهما. بدأ ذلك عبر إطلاق برنامجين إذاعيين موجه كل منهما الى هاتين البقعتين الجغرافيتين: «الخليج هذا الصباح» (كل اثنين وأربعاء 6:30 بتوقيت بيروت)، و«جولة مغاربية» (كل ثلاثاء وخميس 8:30). وهما يلقيان نجاحاً لافتاً على حد تعبير فرح.
لكن ماذا عن الجمهور اللبناني؟ لماذا لا تصل «bbc عربي» الى شرائح واسعة داخله؟ يجيبنا فرح بأن هذا الأمر يعود تاريخياً، الى وفرة وسائل الإعلام في لبنان، وقلة اهتمام جمهوره بالأخبار العالمية. لذا، عمل فرح على توسيع مكتب بيروت أخيراً، على أن تشمل الخطة الموضوعة ــ لا سيما في ما خص الصحافة الرقمية ــ الجمهور اللبناني، لتطاله خدمات الشبكة، كما باقي المناطق العربية.

أطلقت للمرة الخامسة
على التوالي برنامج «100 إمرأة»

في العصر الرقمي، والمنافسة مع الشاشة التقليدية، تنحو الشبكة بقسمها العربي الى تعزيز جمهورها أكثر، والوصول الى شريحتين أساسيتين، لا تشملهما عادةً، خدمة الأخبار المتواصلة التي تقدمها bbc، ومجموع التحاليل الصحافية. يجد فرح هنا أنّ هناك فئات «غير نهمة» للأخبار ومعرفة صراعات المنطقة، تحتاج الى فسحة على هذه الشبكة، من خلال تقديم معلومات وأخبار لها، تجنح الى غير السياسة. القناة التي تجري دورياً دراسات وإحصاءات لمعرفة ميول الجمهور واهتماماته، خلصت أخيراً إلى أنّ هناك، جزءاً كبيراً من النساء والمراهقين، يودون الاطلاع بمقدار قليل فقط على الأخبار المتسمة بروائح العنف والصراعات الأهلية، أي بشكل لا يتعدى باقي الاهتمامات كالتكنولوجيا، والاجتماع، والصحة. وهذا الأمر، بدأ بتنفيذه القسم العربي، وتكريسه أكثر ليشمل الصحافة الرقمية أيضاً. يضع فرح، أمامنا، دراسة أجريت في الغرب، على شباب دون سن الثلاثين، تبين أن هؤلاء يستخدمون الهواتف الخليوية، للحصول على الأخبار. ويقول فرح إنّها المرة الأولى التي يتجاوز فيها عدد المستخدمين للهواتف، عدد مستهلكي الشاشة، ومن المرجح أن ينتقل هذا الأمر الى العالم العربي. وسعياً نحو المزاوجة ما بين الرقمي والتقليدي، أُطلق برنامج «تراندينغ» Trending (من الاثنين الى الجمعة 17:00) أخيراً، وهو عبارة عن نشرة إخبارية تتركز على وسائل التواصل الاجتماعي، مع إعطائها الصبغة الصحافية.
على صعيد الشباب، تستمر الشبكة البريطانية، للسنة الثانية على التوالي، في بث برنامجها الشبابي «بي بي سي إكسترا» الذي يقدمه شبان وشابات، من مختلف البلدان العربية، ويرتكز إلى الصحافة بشكل أساسي. أما المراهقون، فلهم حصتهم، مع إطلاق برنامج «موسم المراهقين» الأسبوع الماضي، وهو عبارة عن سلسلة شرائط من مقابلات وتحقيقات، وقصص قصيرة، صنعها مراهقون من لبنان وسوريا، والأردن، فلسطين، مصر، السودان، الإمارات، مصر... تعنى بقضاياهم، ومختلف مشاكلهم الاجتماعية والصحية. البرنامج الذي يبث للمرة الأولى، بوسائط متعددة، على الشبكة العنكبوتية وأيضاً على الشاشة، ستجري في نهاية حلقاته، دعوة هؤلاء المراهقين، الآتين من خلفيات ثقافية مختلفة، الى المناقشة، وعلى وجه التحديد، تأثير المواقع الاجتماعية على حياتهم.
ومع ريادة الشبكة في إطلاق برنامج نسائي بامتياز، تصنعه وتقدمه نساء فقط، أي برنامج «دنيانا» (تقدمه ندى عبد الصمد)، تنفذ «bbc عربي» اليوم ــ وفق فرح ــ خطة إلزام كل البرامج، بوضع كوتا نسائية، تشمل الضيفات من مختلف الميادين، يكن من النساء حصراً. وتزامناً، أطلقت «bbc عربي» للمرة الخامسة على التوالي برنامج «100 إمرأة»، الذي يضيء على قضايا النساء، ويسعى الى تشجيعهن على إحداث التغيير. هذا العام، يخصص البرنامج لتسليط الضوء على قضايا الوصول الى مناصب قيادية، ومحو الأمّية عند الإناث، ويغطي مواضيع التحرش، وقضايا التمييز في الرياضة بحق المرأة.