لا تاريخ محدّداً لبدء عرض المسلسلات المكسيكية عبر «المؤسسة اللبنانية للإرسال» ودبلجتها إلى العربية الفصحى. لكن من المرجّح أنّ مسلسل «أنت أو لا أحد» الذي أنتجت نسخته العربية في أواخر السبعينيات في استديوات شركة «فيلملي» لصاحبها المخرج نقولا أبو سمح، كان أوّل الأعمال التي بثّتها lbci. لاحقاً، عُرض «مهما كان الثمن» ونال شهرة واسعة، حتى أنه أعيد عرضه قبل أعوام على «الجديد».
كانت تتمّ الدبلجة إلى الفصحى اعتماداً على النسخ الأصلية، من دون أن يطرأ تغيير على الأسماء أو الأحداث، وهو أكثر ما ميّز الدبلجة وقتها. في بداية الثمانينيات، اجتاح «الطوفان» المكسيكي الشاشات المحلية، وكانت lbci عرّابة تلك الأعمال التي تدور غالبيتها في فلك الحبّ والخيانة، فيما تولّت شركات إنتاج عدّة دبلجتها إلى الفصحى. من عاصر تلك الفترة، يتذكّر جيّداً صراعات العشق وقصص الطلاق، حتى أنه حفظ وجوه الممثلين المكسيكيين الذين تميّزوا بجمالهم الطبيعي. في الثمانينيات وأوائل التسعينيات، حقّقت المغنية والممثلة المكسيكية تاليا شهرة واسعة في العالم العربي ولم تكن قد أتّمت عامها العشرين بعد. أدّت بطولة مسلسلات عدّة منها «ماريا مارسيدس» (1992)، و«ماريمار» (1994) تبعه «غوادلوبي» في السنة نفسها. تلك المشاريع، جعلت تاليا نجمة عالمية وعربية، وتأثر المشاهدون بجمالها وطريقة غنائها. لم يكن نجوم المكسيك وحدهم أبطال تلك الأعمال فحسب، بل إن الأصوات اللبنانية التي دبجلت المشاريع زادت من شهرتها، على رأسها وحيد جلال، وألفيرا يونس، وجيزيل نصر، ووفاء طربيه، وميشال أبو سليمان... فنانون عملوا على تأدية الصوت بشكل محترف، وإيصال المشاعر كأنّهم بالفعل أبطال العمل. في هذا السياق، يشير بيار الضاهر، رئيس مجلس إدارة lbci، في حديث إلى «الأخبار» إلى أنّ المسلسلات المكسيكية التي عرضت على شاشته قبل نحو 40 عاماً، كانت تحقّق انتشاراً عالمياً لا محلياً فقط، لافتاً إلى أنّه «في تلك السنوات، كانت المشاريع المكسيكية تسيطر على سوق المسلسلات وكان الطلب عليها عالمياً. اللافت أن اليوم هناك مساعي من قبل منتجين عالميين لعودة تلك الظاهرة، إذ تقوم بعض الجهات بعرض أعمال مكسيكية على القائمين على الشاشات المحلية، لكن القرار لم يتّخذ بعد». أما عن أسباب تحوّل الظاهرة من المكسيكية إلى التركية، فيجيب الضاهر: «المشاهد فضّل التركي لأنّه أقرب إلى عادات العرب وتقاليدهم. كما أنّ اللهجة السورية ساعدت في انتشار تلك الأعمال. الموضة حالياً هي الحصول على نصّ المسلسل المكسيكي وتحويله إلى لبناني كما حصل مع «روبي» و«الحب الحقيقي» (إخراج جوليان معلوف، كتابة باسكال حرفوش ولمى مرعشلي). لكن الظاهرة مُكلفة مادياً أكثر من دبلجة المسلسلات، ومعقّدة على صعيد تحويل النصّ إلى لبناني يتناسب مع مجتمعنا». هل يمكن اعتبار أنّ لكل عصر موضة مسلسلات خاصة به؟ يشبّه الضاهر الأمر بمصمّمي الأزياء الذي يضعون خطوط الموضة لموسم معين، مختصراً: «هناك «ترند». نشهد ولادة عمل ناجح ثم تكرّ باقي الأعمال الأخرى، وهذا الأمر ينطبق على جميع الأعمال، وخير مثال هو المسلسلات الشامية التي أنتجت في السنوات الأخيرة».