يلتقط اللبناني محمود صفدي حركية أجساد القافزين على شاطئ الدالية
في Off The Coast There Was، يلتقط اللبناني محمود صفدي حركية أجساد القافزين على شاطئ الدالية. في غرفة مستقلة، تستقبلنا خمس صور بأحجام صغيرة ضمن إطارات بيضاء. تقبض اللقطات على لحظة سقوط الجسد في الماء، إذ تظهر رذاذ الماء الأبيض الهائج الذي يخلفه هذا الفعل. يقابل هذه الصور فيديو يمتد على سبع دقائق. تتبع كاميرا محمود صفدي، بانسيابية بطيئة، حركة أجساد الغواصين في مراحلها المتعددة؛ الانتظار، والاندفاع بالجسد إلى الأمام، والتهاوي وملامسة الماء ثم الغوص في أعماقها. كل هذه المشاهد نتابعها أمام خلفية الصخور، يعلوها المد العمراني والتحول المديني الذي يهدد شاطئ الدالية اليوم. يلتقط صفدي المفردات الجسدية التي تكاد تكون موحدة بين جميع الغواصين الفتيات والشباب والرجال. هكذا، تتحول من ممارسة خاصة جداً إلى نوع من المقاومة للمشروع الجديد الذي يهدد هذا الشاطئ، كما تضاف إلى معلومات البحر من خلال انصهارها مع حركية الأمواج التي تحتوي بدورها على معلومات أخرى.
ضمن عملها «جهاز»، تلجأ البكستانية إيشان رافي إلى اماكن أكثر حميمية، لاستكشاف حركة الأجساد وقدرتها على التنقل ضمن الحيز المكاني الخاص والعام. مشروعها أشبه بلعبة تفاعلية. على الحائط تتوزع أفقياً صور خاصة بالفنانة، تظهر جزّاراً مع لحم، وسريراً وغرفة نوم وستارة حائط وغيوماً ورملاً ومصرفاً وصالة رياضة، ولصقات جرح، وأكياساً ثقيلة تشكل جميعها مرآة للجهاز الذي يفترش الأرضية مقابل الجدار. عليه رسمت رافي أشكالاً وخطوطاً وأشكالاً هندسية، تنتظر أجساد الزائرين. على هؤلاء أن يتحركوا ويتنقلوا ضمن مساحة الجهاز وفق ورقة تعليمات أولية تقترحها الفنانة. «قسموا المستطيل إلى أربعة أجزاء متساوية»، «قلدوا شخصاً آخر»، «ابتكروا أشكالاً بأجسادكم» تسجل إيشان تعاليمها، فيما تتركنا في مواجهة مع صورها التي تقترح علينا حالات ومهمات ومساحات معينة. وفيها تدعونا إلى استكشاف قابلية الأجساد للتنقل بين الأمكنة، وإمكانية تحولها وتبدل وظيفتها ضمن نظام معين. في مجموعاتها Drifts، تعيدنا الفنانة الغواتيمالية ياسمين حاج مياني إلى الأعمال الحركية للفنان اليوناني تاكيس التي تخيم عليها العلوم والفنون معاً، خصوصاً اعتماده المغناطيس. يجمع عملها رسومات بالأبيض والأسود ولقطات فيديو مكررة لسيارة في طور الانزلاق، تختبر من خلالها شكلاً أقصى من التنقل أو الحركة، هو الانزلاق وفقدان السيطرة الذي تنتج عنه أحاسيس قصوى أيضاً مثل الخوف نظراً لانعدام الجاذبية. في المقابل، تصنع مياني آلة مغناطيسية على شكل طاولة، تدور ضمن دائرتين، وتستجمع وتنظم الغبار المعدني ضمن سياق محدد لتمنح الرسومات بعداً ثلاثياً. تستخدم مياني الغبار المعدني الذي يأكل رسوماتها ويجسد حالة للغياب. في Salamet، تعرض ميرف أونسال مجموعة من الصور الأرشيفية من جريدة «سلامت» التركية وأخرى التقطتها لمواد البناء كالاسمنت والحدائد وأجزاء من الأبنية. عبر هذه الصور، استحضرت أونسال خلال محاضرة قدّمتها الشهر الماضي في «مركز بيروت للفن» موت عمال البناء وتحديداً السوريين. انطلاقاً من معنى كلمة «سلامت» (الحالة الجيدة والسليمة)، تطرح مجموعة من الأسئلة منها: «ما هو ثمن هذه الأبنية»؟ «هل تتقاطع الحالة الجيدة لسكانها مع حالة العمال الذين بنوها في السابق»؟ تسائل صورها المجردة فعل التفرّج عليها، وتحاول استثارة ذاكرة مشتركة من خلالها.
«التحركية: عتبات 7»: حتى 29 كانون الثاني (يناير) ــ «مركز بيروت للفن» (جسر الواطي ــ بيروت). للاستعلام: 01/397018