تتحمّل سوريا وإيران مسؤولية الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع عدّة في سوريا بعد إسقاط دمشق طائرة الـ «أف ــ 16» الإسرائيلية. هذه خلاصة جولة على عدد من الصحف الأجنبية التي تبنّت الرواية الإسرائيلية، مؤكدة أنّ الطائرة أُسقطت لدى عودتها بعد استهدافها «منشآت إيرانية أطلقت طائرة بدون طيار من سوريا، اخترقت المجال الجوي الإسرائيلي»، وهو ما نفته طهران.
سلّطت صحيفة الـ «غارديان» البريطانية الضوء على تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، أبرزهم المتحدّث باسم جيش العدو، جوناثان كونريكوس، الذي أعلن لاحقاً عن «تدمير 12 موقعاً في سوريا، من بينها 4 مواقع إيرانية بالقرب من دمشق»، لافتة إلى أنّ مصادر الاحتلال «نفت ما قاله السوريون حول استهداف طائرتين». وفي التقرير الذي أعدّه مراسلها في القدس المحتلة، أوليفر هولمز، ذكرت الـ «غارديان» أنّ ما حصل هو «أكثر الحوادث عنفاً التي انخرطت فيها إسرائيل وإيران وسوريا خلال الحرب الأهلية السورية»، كما أنّها «المرّة الأولى التي تخسر فيها إسرائيل طائرة في هذا الصراع».
تبع هذا التقرير مقال تحليلي مسهب بعنوان «الفشل الملحمي في عصرنا: كيف خذل الغرب سوريا» لسايمون تيسدال. في سياق النص الطويل، قال الصحافي البريطاني إنّ حكومة العدو لطالما تحدثت عن مخاوف من تهديدات إيرانية عبر سوريا، في سبيل «الحصول على أكبر قدر من دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب... في الوقت نفسه، وضع المجال السوري الجيشين الإسرائيلي والإيراني على تماس خطر، كما ظهر عبر إسقاط الـ «أف ــ 16». بيّنت هذه الحادثة كيف تستخدم الدول الأجنبية بشكل متزايد الأراضي السورية لخوض معارك بالوكالة».

وصفت «لوموند» العمليات بأنّها «اشتباك إيراني ــ إسرائيلي على الأرض السورية»


أما «هيئة الإذاعة البريطانية»، فبعدما أوردت أنّ الطائرة المستهدفة كانت في مهمّة «أعقبت دخول الطائرة بدون طيّار الإيرانية إلى المجال الجوي الإسرائيلي»، شدّدت على لسان مراسلها في الشرق الأوسط، توم بيتمان، على أنّ «الغارات الإسرائيلية في سوريا غير اعتيادية، إلا أنّ خسارة مقاتلة إسرائيلية يشكّل تصعيداً جدياً». من جهته، رأى المحلل الديبلوماسي في «بي. بي. سي»، جوناثان ماركوس، أنّ مساعي «إسرائيل» لاعتراض وصول الصواريخ المتطوّرة إلى «حزب الله» في لبنان أصبح أكثر تعقيداً مع دخول إيران كلاعب أساسي على الأرض السورية: «كما أنّ إيران تخاطر في تحوّلها إلى لاعب مباشر في الصراع، والاقتراب أكثر من أي وقت مضى من الحدود الإسرائيلية».
أميركياً، تبنّت صحيفتا «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» بطبيعة الحال الرواية الإسرائيلية. رجّحت «نيويورك تايمز» أن تسهم التطوّرات الأخيرة في دفع «إسرائيل» أكثر باتجاه الصراع الدائر في سوريا، فيما أشارت «واشنطن بوست» إلى أنّ العدو لطالما «شنّ غارات داخل سوريا في محاولة لاحتواء إيران ووكلائها هناك، إلا أنّها لم تكن أبداً بهذا الحجم والوضوح، لا سيّما أنّها المرّة الأولى التي تخسر فيها طائرة بهذا الحجم منذ 1982». ثم أثار آدم تايلور في الصحيفة نقطة مهمّة حول انغماس «إسرائيل» في القتال، مما قد «تكون له تداعيات خطيرة على الحرب في سوريا، وعلى المنطقة ككل. لا إسرائيل ولا إيران ترغبان في صراع مفتوح على الحدود السورية، غير أنّهما في الوقت نفسه غير مستعدتين للتراجع... وإذا تفاقمت الأمور، فقد تكون النهاية وخيمة وقد تدخل أطراف إقليمية أخرى على الخط».
وفي فرنسا، وصفت صحيفة «لوموند» العمليات الأخيرة بأنّها «اشتباك إيراني ــ إسرائيلي على الأرض السورية»، بينما اختارت «ليبيراسيون» عبارة «تجدّد التوتّرات بين سوريا وإسرائيل»، موضحة أنّ ما جرى «ينذر باحتمال تصاعد الأحداث». من ناحيتها، أبدت «لو فيغارو» تخوّفها من تدهور عسكري بين «إسرائيل» من جهة وإيران وسوريا و«حزب الله» من جهة ثانية، وسط «تخوّف إسرائيلي من وجود إيراني طويل الأمد على حدودها الشمالية، مما سيرسم خطوطاً حمراء جديدة».