علي المرابط (1959)، الصحافي الأكثر تعرّضاً لقرارات مُجحفة من أجهزة القضاء والداخلية في المغرب، أوقف أخيراً إضرابه المفتوح عن الطعام «لغاية حصوله على إقامة في منزل والده في مدينة تطوان (شمال المغرب)». وأوقف الصحافي إضراباً تجاوز 30 يوماً أمام مكتب الأمم المتحدة في جنيف، بعدما صرّح وزير الداخلية المغربي محمد حصاد عن إمكان تجديد جواز سفر المرابط في إسبانيا حيث تصرّ أجهزة الداخلية على إقامته فيها. وقال المرابط في بيان إنّه «بعد تشاور مع لجنة دعمه، أوقف الإضراب، في انتظار أن تجدّد أوراقه، مع عزمه على إطلاق أسبوعية ساخرة، بعد مرور عشر سنوات على حكم قضائي قضى بمنعه من مزاولة الصحافة لعشر سنوات انتهت عام 2015».
طيلة إضرابه، أكّد المرابط أنّ منعه من تجديد وثيقة الإقامة «ليس سوى طريقة أخرى للزجّ به في متاهات ومنعه من إطلاق الجريدة الساخرة الجديدة». ويُفترض أن ينضمّ إلى الصحيفة رسام الكاريكاتور المزعج خالد كدار، والفنان الساخر أحمد السنوسي. وما يؤكّد أن الأمر مجرد رغبة من أجهزة الدولة في منع المرابط من إطلاق جريدته، هو فتح ملفّ كدار وتهمة «السكر العلني» التي تعود إلى عامين، والحكم عليه ثلاثة أشهر سجناً نافذاً. بين المنع والسجن، يعيش المرابط الذي يحمل الجنسية الفرنسية، قصة كفكاوية منذ ما يزيد عن 15 سنة. والسبب هو خروجه عن جوقة المطبّلين للمواقف الرسمية في البلد، واختياره التوجّه السياسي والإعلامي المخالف، ما جرّ عليه التضييق من قبل السلطة في قضايا تُفرض فيها غالباً على الإعلاميين مجاراة المواقف الرسمية للدولة.
انطلقت محنة الصحافي بمنع أسبوعيته الساخرة «دومان» عام 2000، ومن حينها يُقيم بين بيته وبين ردهات المحاكم والسجون. لكن عام 2005 شهد الحكم الأكثر سوريالية في تاريخ أحكام الصحافة في المملكة، إذ صدر حكم قضائي بمنعه من الكتابة في الصحافة المغربية لمدة عشر سنوات انتهت في شهر أبريل (نيسان) الماضي.

انطلقت محنته
بمنع أسبوعيته «دومان» عام 2000

حُكم إعدام مهنيّ نوعاً ما، لا يزال الرجل يعيش تبعاته في ظلّ تحكّم أكبر بالإعلام يشهده البلد في السنوات الأخيرة. وكان المرابط قد أطلق موقعاً إلكترونياً لجريدته خارج المغرب. كما حُكم عليه بالسجن أربع سنوات عام 2003 بتهمة «المسّ بالاحترام الواجب للملك»، قبل الإفراج عنه بموجب عفو ملكي.
وبعد انطلاق إضراب الصحافي عن الطعام، لم يسلم من انتقادات أجهزة إعلامية مقرّبة من متنفذين في الدولة، أبرزها «le360». وسائل سرّبت أخباراً تضرب في مصداقية الرجل ونشرت عناوين من قبيل عن «إضراب وهمي»، و«مزاعم كاذبة» للصحافي.
كما رفضت وزارة الداخلية التعليق على الأمر لمدّة طويلة، قبل أن يخرج وزير الداخلية بتصريح يتحدّث عن «استحالة منحه الوثيقة في المغرب للظرفية الانتخابية التي تتطلّب تدقيقاً في مقرّ سكن المواطنين الذي سيصوتون في الانتخابات الجماعية المقبلة».
ويبدو أن صوت المرابط مهمّ إلى درجة تجعل الأجهزة المختلفة تجتمع في الرغبة في الإجهاز على مطلبه في حقّ مزاولة المهنة داخل المملكة. وكان الصحافي حصل على دعم دوليّ بعد خوضه الإضراب عن الطعام. كما نُشرت عشرات البيانات المساندة لحقّه في المغرب، وأنشئت تنسيقية لهذا الغرض في البلد. كما نشرت رسالة موجّهة إلى الملك محمد السادس تطالب باستعادة الصحافي بحقوقه، وممارسة مهنته من دون مضايقات. ووقّعت على الرسالة منظّمات حقوقية متعدّدة وصحافيون وكتاب بارزون من ضمنهم الإسباني خوان غويتيسولو، والفرنسي ماتياس إينار، والاميركي جوناثان ليتل، والكندية مارغريت آتوود، إلى جانب عمداء مدن وسياسيين أوروبيين.