على الرغم من التهاوي الصريح للصناعة الوطنية الثقيلة والترنح الذي أصاب الدراما، سواء على مستوى النوعية أو الكم الإنتاجي، يحق للسادة مشاهدي الدراما السورية أن يحتفلوا بالموسم المقبل. الميزة الوحيدة الواضحة لرمضان 2018 أنّه سيكون شهر عفو بسبب نجاة جميع المتابعين من جزء جديد من سلسلة «باب الحارة» (بسّام الملا)، إضافة إلى غياب سلسلة «طوق البنات» (أحمد حامد ومحمد زهير رجب). صحيح أنّ هناك تقاطعات عميقة بين العملَيْن الهزليَيْن، إلا أنّه لا يمكن المقارنة بينهما نظراً لكمّ الجماهيرية التي يحصدها الأوّل بغض النظر عن فهمه السطحي للتنوير والتحرّر، إضافة إلى محاولته طمس العيوب الكارثية التي ارتكبها في الترويج لعبودية المرأة ومفاهيم بائدة، من خلال حلول بدائية، كأن نشاهد «أبو عصام» يبتسم لزوجته «سعاد» وهي تخلع حجابها وتربط به قدم ثائر مصاب بمنتهى الغنج... كلّ هذا حصل بعد أجزاء عدّة من طلاقها لأنّها قالت لزوجها «فشرت»! على أيّ حال، كنّا نظن أنّ «الملحمة» الشعبية مستمرة، إلى أن ينهض جيل جديد من عائلة الملا العريقة، ويشتد عودها لحمل مشعل العمل الأكثر شهرة عربياً. غير أنّ اعتقال وليد آل إبراهيم، رئيس مجلس إدارة شبكة mbc السعودية، المنتج الحقيقي للعمل، أسهم في تأجيل المسلسل من دون إلغائه، إذ يتوقّع أن يهم «الأغا» بسّام الملا بإنجاز جزءين جديدين بعد رمضان المقبل.أما «طوق البنات»، فمصنوع وفق منطق مستعار من أعمال الملا بطريقة لا يمكن وصفها سوى بالـ «كليشيه»، ناهيك بالمظلومية التي يتعرّض لها بطل المسلسل «أبو طالب» (رشيد عسّاف) منذ الأجزاء الأولى، إلى درجة أنّ الشعب السوري قام بثورة ضد فرنسا من أجل إخراجه من السجن! كل ذلك التدليس، والتزوير، والتحريف للتاريخ، لم يثن العمل عن الاستمرار في تقديم مادة درامية مبتذلة، لكن بعد أربعة أجزاء تعب الزعيم «أبو طالب»، فقرّر الاعتذار عن عدم تجسيد دور البطولة. مع ذلك، أصرّت شركة «قبنّض» المضي قدماً بعملها، مراهنة على يامن الحجلي، وبقية الممثلين، على أن يكون الزعيم قد مضى بعيداً عن «اللوكيشن» لنصرة ثورة أهل الجزائر، لتبرير غيابه! وعلى الرغم من وصول التحضيرات إلى المراحل الأخيرة، إلا أنّ العمل توقّف بسبب كساد هذه البضاعة، وانصراف المحطّات عن شرائها!؟