ارتجال دائم عبر الرسم المباشر على الشاشة والعزف الحي على المسرح
«الوطن داخلاً» أو Home Within هو المشروع الثاني الذي عمل عليه مع الفنان السوري البصري كيفورك مراد، الذي يعيش في نيويورك حيث تعرّف أحدهما إلى الآخر. سبق أن قّدم العظمة مع مراد عرضاً مشتركاً بعنوان «ملحمة جلجامش» قبل سنوات. عمل جاء نتيجة غزو العراق عام 2003 وعكس همّهما كفنانين لإيجاد ما يمكن فعله في ظل تلك الظروف. فانتقلا من ملحمة جلجامش لإيصال فكرة الحضارة إلى العموم. أما مشروعهما الثاني «الوطن داخلاً»، فانطلق من فكرة تعود إلى عام 2012. يخبرنا العظمة: «كانت الذكرى السنوية الأولى للتظاهرات الشعبية في سوريا. أردنا أن نوثق ما شعرنا به في فترات مختلفة منذ تلك اللحظة حتى اليوم. العرض ليس اختصاراً للحياة السورية. من يريد أن يعرف ما هي فعلاً الحالة السورية، ما عليه إلا الاستماع إلى قصة 24 مليون سوري. هي انطباعات بشكل تجريدي أحياناً لما شعرنا به خلال فترات مختلفة ما بين 2011 واليوم. وهذا مشروع جلنا به في العالم العربي وأوروبا وأميركا، ونحاول أن نستخدمه لجمع مساعدات للمحتاجين، ولتذكير العالم أن الكارثة ما زالت مستمرة. أشعر أن من يقدم الموسيقى، عليه أن يقدّم عملاً حراً وفيه جرأة. توقفت عن التأليف بين عامي 2011 و2012. لم أكتب موسيقى لأنني شعرت أنّ هناك ما هو أهم بكثير من كل الموسيقى التي أنجزها. عندما بدأنا المشروع 2012، كان أشبه بتذكير لي لأتمسك بقدراتي. في النهاية، الموسيقى التي أؤلفها والكلارينيت التي أعزف عليها هما أداتي الأساسية للتعبير عن نفسي. شعرت أنّه من المهم أن أتمسك بهما بالتعاون مع كيفورك».
كانت قطعة «صباح حزين كل صباح» (3 دقائق) الأولى التي ألفها كنان العظمة عام 2012 بعد فترة صمت. أرسلها إلى مراد طالباً منه إضافة مرافقة بصرية لها بعدما شعر بالحاجة إلى ذلك، فعاد إليه بفيديو طويل. وهكذا بدأ التعاون الثاني بينهما الذي أدى إلى «الوطن داخلاً». أحياناً، كان العازف يحفز الفنان بقطعة موسيقية وأحياناً أخرى كان مراد هو من يشجعه بقطعة بصرية. ويقول العظمة في هذا الصدد: «كل ما أنجزناه هو توثيق للحظات شعرنا أنها فاصلة في السنوات الأخيرة. وتابعنا العمل على هذا النحو إلى حين بلغت مدّة المشروع 55 دقيقة بين أداء سمعي وبصري. قدّم العمل في «مهرجان السينما الجديدة» في مونتريال عام 2014. المشروع يتطور ويتبدّل تكراراً لأنه يتضمن نقاط تحاور عدة بين السمعي والبصري وبين المكتوب مسبقاً والمرتجل. كما أن هناك دائماً مجالاً للارتجال بيني وبين كيفورك، عن طريق الرسم المباشر على الشاشة والعزف الحي على المسرح».
أما عن ثقافة الموسيقي المتنوعة وتأثره بمختلف الأنماط في أعماله، فيقرّ: «لا أؤمن أن هناك ما يسمى بشرق وغرب في الموسيقى والفنون. ليس هناك من ثقافة صافية. هو إرث فني كبير، نحاول أن نستكشفه في حياتنا أكثر فأكثر. صحيح أن آلة الكلارينيت طُورت بين ألمانيا وفرنسا، ولكن لها أيضاً حضور كبير في موسيقى شرق أوروبا والجاز في أميركيا، وهي بالتالي آلة متعددة الهويات. استمعت إلى الموسيقى العربية بحكم ترعرعي في سوريا، ولكني تعلمت أيضاً الموسيقى الكلاسيكية الغربية. لا أشعر أن الموسيقى التي أكتبها محكومة بمناطق جغرافية، فأنا لا أؤمن بها. أشعر أن كل ما ننجزه في الفن هو شخصي. كما أنني أتذوق أنواعاً مختلفة من الموسيقى تماماً كما أتذوق أنواعاً مختلفة من الطعام. ما أؤلفه مستوحى من عناصر تقليدية عدة ولكنه غير محكوم بها فقط. أحاول أن أخرج من إطار القولبة وأعتبر أن الإرث البشري كله هو إرثي أنا أيضاً».
يذكر أن جزءاً من أرباح الأمسية مخصص لدعم الفنانين الشباب عبر برنامج «اتجاهات» وصندوق المنح للطلاب السوريين في الجامعة الأميركية في بيروت.
* «الوطن داخلاً» Home Within: 20:00 مساء الاثنين 26 آذار (مارس) ــــ «أسمبلي هول» (الجامعة الأميركية في بيروت) ـــ للاستعلام: 03/353228