السُّلّم موجود في معظم أعمال رندة علي أحمد المعروضة حالياً في غاليري «art on 56th» تحت عنوان «العلوّ هو السبيل الوحيد للوصول». السلّم هو رسالة المعرض أو مقولته، ويمكن معاينة هذه الرسالة بطريقة مباشرة أو بطرق تأويلية ومجازية، ولكنها لا تخفى على المتلقّي. ثمة رجل يصعد سلّماً في لوحة «عندما الكل هو واحد والواحد هو الكل»، ورجل آخر يجلس على قمة سلّم في لوحة ثانية، ورجل ثالث يقف بين طرفي سلّم منصوب. السلّم ذاته يتحول إلى فكرة جذابة يمكن أن يُعوّل عليها كترجمة للأمل أو الطموح، وهي ترجمة متوافرة في عنوان المعرض أيضاً. لعل الأمل هو ذاك الضوء الذي يلوح في نهاية درب يشق صفين من الأشجار، أو لعله رغبة في الخروج عبر ممر شجري ضيق، أو مجرد تسكّع بصري بين طبقات متفاوتة من اللون الأخضر، بينما تحاول الرسامة التقاط التوزع المحتمل للضوء والظل واللون بين جنبات اللوحة.
في لوحتي «شراء سلّم إلى السماء»، و«دَرَجُ أكاذيبك على الريح الهامسة»، تُلصق الرسامة سلّماً حقيقياً على سطحهما. هكذا، تحظى رسالة المعرض بمذاقات إعلانية، لكنها ذائبة في ممارسة أوسع. الخطاب الواضح جزء من فكرة المعرض ورسالته، لكنه أيضاً لعبة ضوء وظلال تعكس حساسية تجريدية أو غناءً شكلانياً أو مناخات بوب آرت تُستثمر فيها التدوينات اللونية والأشكال النباتية والتشخيصية. هناك سخاءٌ في ألوان الإكريليك. سخاءٌ يتكرر في أكثر من طبقة لونية أحياناً، ويختلط أثناء ذلك مع مزاج إيجابي ومتفائل ومشرق، ويتغذى من تعبيرات واقعية بسيطة لا تطالب المتلقي بما يتجاوز التأمل العادي الخالي من الغموض وسوء الفهم. الوضوح نفسه ربما يكون هدفاً ملتبساً يحجب ممارسات معاصرة ظهرت سابقاً في معارض للرسامة التي تخرجت في «الجامعة الأميركية اللبنانية»، وغادرت إلى الولايات المتحدة في سنوات الحرب الأهلية، وبدأت تجربتها بالنضوج في لوس أنجلس وباريس، بعدما كانت قد عرضت أعمالاً مبكرة وقليلة في بيروت.
الوضوح متروك في عهدة انطباعاتنا التي لا تتغير كثيراً في التجوال من لوحة إلى أخرى، قبل أن تتكاثف هذه الانطباعات وتتجمد أمام عمل تجهيزي مجسّم لقامة خضراء تقف مثل فزاعة الحقل وسط شتول صغيرة ومتجاورة صالحة لتكون قاعدة للتمثال المقطوع الرأس مثل صاعدي السلالم في لوحات أخرى. لا يمكن تجاهل جاذبية العمل، ولكن يصعب فصل ذلك عن مجانيته أيضاً. مجانية تخاطب ذائقة محددة تفضّل توفر ممارسات تزيينية وواقعية في اللوحات التي تحب اقتناءها، ولكن ذلك لا يُوقع الرسامة عن «سلّم» مزاجها، ولا يُغرقها في الابتذال والسطحية.

يمكنكم متابعة حسين بن حمزة عبر تويتر | @hbinhamza






«Rising: The only way is up»، حتى 11 كانون الثاني (يناير) ــ «غاليري art on 56th» (الجميزة) ــ للاستعلام: 01/570331