القدس المحتلة | مساء الجمعة الماضي، هاجمت كتيبة كاملة من جيش الاحتلال الفتاة المقدسيّة ديما قنبر (16 عاماً) بعد محاولتها طعن جندي إسرائيلي في منطقة باب العمود وسط القدس المحتلة. لم يكن المؤذّن قد أنهى أذانه في تلك اللحظة، حتى استلَّ الشباب الموجودون في المكان هواتفهم الذكيّة ليصوّروا جزءاً من المشهد ويرفعوه على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما كان الجنود يبرحون ديما ضرباً حتى أصابها الإغماء وهم يقتادونها مكبلة بالسلاسل إلى مبنى «القشلة» المقابل لقلعة القدس في باب الخليل.
وصل الجندي المصاب بجروح طفيفة في ساقِه ـــ على ذمة صحيفة «يديعوت أحرونوت» الاسرائيلية ـــ إلى المستشفى لتلقي العلاج، بينما وصلت ديما إلى زنازين التحقيق المُظلمة، ووصل ناشطو مواقع التواصل في القدس إلى «شير» و«لايك» و«كومنت». وصل مقطع الفيديو القصير سريعاً إلى الفايسبوك وشاهده عشرات الآلاف خلال دقائق، لتنهال التعليقات والمشاركات التي تلوم الشباب على وقوفهم مكتوفي الأيدي، مكتفين بتصوير المشهد، وتلوم ديما على «الورطة» التي ورّطت نفسها فيها.
كانت التعليقات تشدّ على يد الشابة أحياناً وتصفها بأنها بـ«مئة رجل». لكن ماذا لو حدث ذلك قبل هذا الانتشار الكبير للهواتف الذكيّة وكاميراتها، قبل عامين أو ثلاثة فقط؟ على الأرجح أنّ العالم لن يسمع أو يُشاهد بأم عينيه نذالة الاحتلال في تعامله مع فتاة أو شاب في الـ 16 من عمره. لكن في المقابل، كان الشباب سينقضّ على الجُند وتفلت ديما منهم برشاقة ظبية وتدخل باب أي بيت تجده أمامها. سيساعدها أهل ذلك البيت على القفز إلى بيت آخر لتجنّب كشفها من كاميرات المراقبة المنتشرة في كل زاوية في البلدة القديمة في القدس، بينما يعطونها ملابس أخرى للسبب نفسه، فتخرج في اليوم التالي وهي تمثّل أنها تُمسك يَد جَدّها أو جدّتها حتى تصل إلى بيتها في جبل المُكبر في صبيحة اليوم التالي. صارت «ضريبة» الموقع الأزرق وقوفنا مصوّرين ومتفرّجين وهم يُنكِّلون بديما. ماذا تقدم «الكومنتات» لها؟ ماذا يفعل هذا التعليق؟