اختلطت مضامين وسائل الإعلام الصهيونية، بتلك العربية وتحديداً الخليجية. ما حصل فجر أمس من اشتعال جبهة الجولان المحتلّ، وإمطاره بصواريخ آتية من الأراضي السورية، ثم استهداف الاحتلال الإسرائيلي، مواقع عسكرية سورية، ادعّى أنها «قواعد إيرانية»... كل ذلك لم يغيّر قيد أنملة من التعاطي الإعلامي الخليجي بكل متفرعاته السعودية والإماراتية، وحتى القطرية (بوتيرة أخف). هذه المرة، جنّدت هذه المنابر نفسها، لتضحي أبواقاً للاحتلال. نقلت تصريحات مسؤوليه وتحذيراتهم، وتهويلهم، وبات تصفح هذه المنابر بحكم المطلع على مواقع صهيونية من الداخل، لا يميّز الفرق بين إعلام خليجي، وآخر صهيوني. الاشتباك المسلح أمس الذي تلا إلغاء الاتفاق النووي الإيراني من قبل الإدارة الأميركية، عزّز أكثر تورط هذه القنوات الخليجية حتى الأسرلة. وهذا ما تؤكده عملية تغييب خبر إطلاق الاحتلال صفارات الإنذار، أو نزول المستوطين الى الملاجئ، أو حتى بتصريحات مسؤولين صهاينة بأنهم لا يريدون التصعيد أكثر. كل هذه المشهدية الواقعية، همّشتها هذه المنابر، لمصلحة أجواء من الشماتة، والتكاتف مع العدوّ، بكل ما أوتيت من أدوات دعائية.
قناة «العربية» التي ما زالت تسمي تغطيتها الحالية «سوريا الثورة»، تبنت لغة تبريرية واضحة، معتبرةً أن الضربة الإسرائيلية كانت «استباقية» نظراً لما كانت تنوي إيران استهدافه داخل الكيان الصهيوني. وبعد تعداد الضربات العسكرية الإسرائيلية التي استهدفت الأراضي السورية في الماضي، والتركيز على أن الضربة الحالية تعدّ «الأطول» لاستغراقها أربع ساعات، غيبت المحطة حجم الأضرار التي مني بها الصهاينة في الجولان المحتل، وحجم الهلع الذي أصاب المستوطنين هناك وداخل الكيان أيضاً. بل إنّها ركزت على أعداد القتلى أكان في صفوف الإيرانيين أو «حزب الله»، نقلاً طبعاً، عن الإعلام العبري. الصحف السعودية، لم تكن بعيدة عن أداء «العربية» في تظهير الموقف الإسرائيلي، وحجم الأضرار التي لحقت بالمواقع السورية المستهدفة. صحيفة «عكاظ» عنونت: «إسرائيل تعلن تدمير المواقع العسكرية الإيرانية في سوريا». كذلك، أعطت صحيفة «الشرق الأوسط» تبريراً لـ «إسرائيل»، بقصفها سوريا، معتبرة أنه كان رداً على «قصف الجولان من قبل قوات إيرانية»، وواصفة دمشق بـ «مدينة البعث».
الإعلام الإماراتي الذراع المرادف للسعودي، على رأسه شبكة «سكاي نيوز عربية»، اعتمد شبه استنساخ للتعاطي السعودي مع الاشتباك أمس. ضمن شرائط قصيرة على طريقة الأنفوغراف، عدّدت الشبكة الإماراتية، عدد الغارات العدوانية الإسرائيلية على سوريا، لا بل وصفت ما حدث أمس، بـ «استهداف إسرائيل» في منطقة الجولان! كذلك فعلت صحيفة «البيان» الإماراتية، التي اجترت المواقف الإسرائيلية وأبرزتها. وعلى رغم نفي إيران مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ تجاه الجولان، إلا أن هذه المنابر وغيرها، بقيت مصرّة على أن ما حصل يندرج ضمن «الاشتباك الإيراني- الإسرائيلي» كما عنونت شبكة «bbc عربي»: «اندلاع قتال إسرائيلي- إيراني في سوريا عقب هجوم صاروخي على الجولان». وتحدثت «الحرة» عما اسمته «تحرّكاً ضد أهداف إيرانية في سوريا». أما «الجزيرة»، فقد وضعت مساحة مهنية من تبني الرواية الإسرائيلية، إذ عنونت في أحد تقاريرها على موقعها الإلكتروني: «إسرائيل تتحدث عن قصف إيراني وتمطر سوريا بالصواريخ» مع استخدامها في متنه عبارة «شنّت» (إسرائيل)، واعتبار أن ما يفعله جيش الإحتلال هو استكمال قصف مواقع إيرانية في سوريا. هذا بخلاف زميلتها «المدن»، التي ارتأت أن تعنون على هذه الشاكلة: «اجتياح إسرائيلي للمواقع الإيرانية في سوريا».
وفيما كانت صحيفة «الجمهورية» تهوّل على موقعها الإلكتروني ضمن خبر حمل عنوان «حانت المعركة الشاملة... لبنان سيترحّم على حرب الـ2006!»، يكتشف القارئ أن مضمون الخبر، هو نقلاً عن صحيفة «الشرق الأوسط»، وما قاله مدير «معهد الشرق الأوسط للشؤون الإستراتيجية» سامي نادر لها، إذ اعتبر أن «نتائج الانتخابات كرّست نفوذ حزب الله»، مؤكداً أن «المواجهة ستكون شاملة (...) وسيدفع لبنان ثمنها ككل». وحدها قناة «الميادين» عمدت إلى اختيار صورة الهزيمة لـ«إسرائيل». مجموعة جنود صهاينة يبكون بحسرة، إلى جانب تظهير ما طاولته الصواريخ من أضرار في «المراكز الإسرائيلية» في الجولان المحتل، وحجم الهلع الذي أصاب الصهاينة في نزولهم الى الملاجئ.