طالعتنا إدارة «مهرجانات الأرز» ببيان أقل ما يقال فيه إنّه لا يحترم عقولَ الناس. فقد جاء في تبرير دعوة شاكيرا:«قبل التوقيع على العقد مع شاكيرا، حرصنا على الحصول على موافقة رسمية من مكتب مقاطعة إسرائيل في وزارة الاقتصاد والتجارة الذي صرّح بأنّ سجلّ شاكيرا نظيف ولا يوجد أيّ مانع من الاتفاق معها حتى ولو كانت تحيي حفلات في إسرائيل، وبخاصة أنّها لم تدلِ [كذا في الأصل] يوماً بأيّ تصريح سياسي ولم تتخذ أيّ موقف سياسي من أيّ نوع كان، بل على العكس، كانت دائماً تتكلّم عن السلام والحب والثقافة».
يهمّ الحملة أن تعيد التذكير بأنّ شاكيرا زارت الكيان الصهيوني سنة 2011، والتقت مجرمَ الحرب الصهيوني شيمون بيريز. وبيريز، كما لا يخفى على أحد، هو «بطل» مجزرة قانا الأولى (18 نيسان 1996) التي ذهب ضحيتها أكثر من 106 مدنيين لبنانيين. وقد عانقتْه شاكيرا، والتقطتْ معه عشراتِ الصور. كما التقطت الصورَ مع جنودٍ إسرائيليين. أفليس ذلك كله بمثابة «موقف سياسي»، وخصوصاً حين يُحجم عشرات الفنانين العالميين (أمثال: كارلوس سانتانا، ورودجر ووترز، وبونو/U2...) عن إحياء عروض في كيان القتل والتهجير كي لا «يبيّضوا» بفنّهم صفحتَه؟ أليس لقاء بيريز وعناقه أبلغ من أيّ «تصريح سياسي» و«موقف سياسي من أيّ نوع كان»؟!
ولمن قد يحتجّ بأنّ «الفنّ منفصل عن السياسة»، نسأله: ترى، لو قابلت شاكيرا أحد قادة المقاومة اللبنانيّة أو الفلسطينيّة، أو عانقته، أو تصوّرت مع مقاتلي هاتين المقاومتين، هل كانت «إسرائيل» ستستقبلها؟ أم كانت ستضعها على رأس قائمة الإرهاب؟
أما أنّ شاكيرا «كانت دائماً تتكلّم عن السلام» بحسب ما جاء في البيان، فلماذا سمحتْ لنفسها إذاً بعناق مجرم حرب وبالتقاط الصور مع الجنود القتلة؟ هل لتبعدهم عن القتل مثلاً؟
إنّنا نربأ بمكتب المقاطعة أن يكون قد أطلق مثل هذا التصريح الذي تنسبه إليه «مهرجانات الأرز الدولية». فالمكتب يعلم، بلا شك، أنّ إحياء عروض في «إسرائيل»، ولقاء قادتها وجنودها، يشكّلان أكثرَ من «موقف سياسي»، وخصوصاً أنّ المعني بهذين الفعلين فنانة من أصول لبنانية. وإنّنا نطالب مكتب المقاطعة بتوضيح موقفه. وفي كل الأحوال، فإنّنا نكرّر نداءنا إلى شاكيرا بإلغاء عرضها في تل أبيب، التي قتلتْ قبل أيّام، أكثر من 61 مدنياً فلسطينياً وجرحت الآلاف، ولا تزال تعيث قتلاً وذبحاً بالمدنيين الفلسطينيين العزّل إلّا من وطنيّتهم وكرامتهم وتوقهم إلى الحرية والاستقلال. وفي حال إصرارها على قرارها، فإننا ندعو اللبنانيين والمواطنين كافة في لبنان إلى مقاطعة حفلتها في «مهرجانات الأرز الدولية».
بيروت في 19 أيّار 2018