إحدى اللحظات الأبرز في «فوتوميد» تتمثل بلا شك في المعرض الفوتوغرافي الأول للسينمائي المعروف كوستا غافراس. يقول لـ «الأخبار»: «كنت ألتقط الصور على نحو عفوي لأسباب ترتبط بأفلامي. مرةً، علم جان لوك (جان لوك مونتيروسو) أنني ألتقط الصور، وأخبرني أنه يود أن يراها.
الصور التي أعرضها هي من اختيار جان لوك، والأشخاص الذين يظهرون فيها هم أصدقاء وأناس أحببتهم». يعكس اختيار الصور المعروضة في «أسواق بيروت» مسيرة مخرج ملتزم منذ فيلمه الاسطوري «زد» (1969) الذي صوّره في الجزائر ورُشِّح للأوسكار بصفته شريطاًً جزائرياً. هذا العمل جعله معروفاً بعدما كان الأول في ثلاثيته السياسية الشهيرة. منذ ذلك الحين، واكب هذا المخرج المتفرّد التاريخ، وعبّر في كل عمل عن فكرة، ورسالة يود نقلها عن السُلطة.
في «زد»، تطرّق إلى غريغوريس لامبراكيس (إيف مونتان، الذي يقبل الدور لدعم صديقه الذي يحتاج إلى تمويل)، النائب الذي اغتيل في عهد حكم الجنرالات في اليونان. يسلط القاضي المسؤول عن التحقيق (جان لوي ترانتينيان) الضوء على دور الحكومة، وخصوصاً الجيش والشرطة في هذا الاغتيال. يدين غافراس اليوناني الأصل الانتقال من الديمقراطية إلى الفاشية، ولا سيما من خلال العلاقة بين السلطتين القضائية والتنفيذية. وفي «الاعتراف» l’Aveu (1970)، يستمد الالهام، كما في معظم أفلامه، من قصص حقيقية. في براغ عام 1951، يجد مسؤول سياسي تشيكوسلوفاكي بارز نفسه متهماً بالتجسس لمصلحة الولايات المتحدة (ايف مونتان). تُسخَّر كل الوسائل والاساليب لانتزاع اعتراف منه باقتراف جرائم لم يرتكبها. وبعد إخضاعه للتعذيب، ينتهي به المطاف بالاعتراف أمام المحكمة بجرائم لم يرتكبها عبر تلاوة نص اعتراف جعله جلادوه يحفظه عن ظهر قلب. وفي «آمين» (2002)، فيدين غافراس تقاعس الكاثوليك في مواجهة النازيين. تدور القصة خلال الحرب العالمية الثانية، حيث يحاول شاب يسوعي عبثاً حثّ البابا على الرد على الإبادة الجماعية لليهود.
أما في «غرب عدن» (2009)، فيقف إلى جانب المهاجرين غير الشرعيين، كما هي حال الشخصية الرئيسة في الفيلم المتجهة إلى باريس. وفي فيلمه الأخير «رأس المال» (2012)، يتابع غافراس مسيرته في الخط نفسه مديناً الرأسمالية.
تعكس صور غافراس في «فوتوميد» (بالأبيض والأسود) مسيرته ككل. نجد صوراً لممثلين في أفلامه ولأصدقائه: ايف مونتان، رفيق دربه منذ التزامه في الحزب الشيوعي، وسيمون سينيوريه على منصة تمثيل الأفلام، والكاتب والسياسي جورج سمبروم كاتب سيناريو فيلمي «زد» و«الاعتراف»، وصديقه ريجيس دوبري. باختصار، إنّها صور تعكس انتماءات غافراس وميوله السياسية والصداقات التي بقيت معه في معاركه والتزاماته الكثيرة.