في باحة قلعة الشقيف الأثرية، انطلقت أمس الخميس فعاليات الدورة الـ 17 لمهرجانات صور والجنوب تحت شعار «مهرجان الشقيف»، بالتزامن مع ذكرى قصفها في عدوان تموز 2006 وقرب إنجاز ترميمها وتأهيلها. كما في كل عام، يضم البرنامج الخماسي عروضاً فنية وموسيقية وشعرية من لبنان والعالم العربي والعالم. للمرّة الأولى، تنظّم اللجنة الدولية للمهرجان فعالياتها في قلعة الشقيف في بلدة أرنون (النبطية). لكنها ليست الأولى التي تخرج فيها الأمسيات من الملعب الروماني في صور الذي شهد انطلاقتها عام 1996. لمناسبة تحرير الجنوب عام 2000، نُظّمت الفعاليات في باحة معتقل أنصار (النبطية)، وفي الباحة الخلفية لقلعة الشقيف كان الموعد في صيف 2001. وكان يفترض أن تنظم في عدد من البلدات الجنوبية في صيف 2006، قبل أن يلغيها العدوان الإسرائيلي.
اللجنة اختارت القلعة التي تأسست في زمن الفينيقيين ثم الرومان، وأتم بناءها الصليبيون في القرن الثاني عشر، للترويج لقيمتها التاريخية، وصولاً إلى تحوّلها إلى موقع للمقاومة الفلسطينية ثم ثكنة للعدو الإسرائيلي حتى التحرير. لكن سجلّها وموقعها الاستراتيجي المرتفع والمشرف على أقضية الجنوب صعوداً نحو جبل الشيخ ونزولاً نحو الساحل، لم يكن كافياً لجذب السيّاح. بعد قصفها المركّز في عدوان تموز من قبل طيران العدو الإسرائيلي، تنبهت وزارة الثقافة للقلعة مع مبادرة «الصندوق الكويتي للتنمية» لتمويل ترميمها وإنارتها وتجهيزها بالبنى التحتية السياحية والخدماتية.
تقدّم اللجنة برنامجاً منوّعاً يضم أمسية لبنانية وموسيقية وأخرى عربية وثالثة عالمية، فضلاً عن أمسية الشعر العربي الثابتة في كل دورة. الافتتاح كان مع الموسيقي اللبناني غي مانوكيان، في أوّل مشاركة له في مهرجانات صور والجنوب (بعد مشاركة جنوبية أولى له العام الفائت في مهرجانات صيدا الدولية). ليس البيانو الذي عزف عليه مانوكيان، وحده ما أسر الحضور. فالأرمني ــ اللبناني خصّ الجنوب والشقيف بمعزوفة وضعها خصيصاً للمناسبة. الهدية الثانية تمثّلت باصطحابه لراقصات من الفرقة البريطانية للباليه تمايلن على أنغامه. فرقة العازفين بثت موسيقى مانوكيان بين نحو 2500 شخص ملأوا مدرّجات المسرح الذي استحدث للمناسبة في الباحة الأمامية للقلعة. أما الفنان ماريو ريس، فقد أغنى البرنامج بأغنيات قدّمها مع عزف على الغيتار. وقبل مانوكيان، عرضت اللجنة شريطاً تسجيلياً عن تاريخ القلعة وأبرز الأحداث التي مرّت بها بتقنيتي ثلاثي ورباعي الأبعاد.
يستأنف البرنامج ليل غدٍ السبت بحفلة للفنان التونسي لطفي بوشناق الذي يشارك للمرّة الثانية في مهرجانات صور (الأولى في 2009). في وقفته الأقرب إلى الحدود مع فلسطين المحتلة، يحضر صاحب «خلولي وطن» أغنيات يهديها للجنوبيين في ذكرى عدوان تموز. ويستكمل المهرجان فعالياته مع حفلة لعاصي الحلاني (3/8)، تتبعها أمسية لمغنية الأوبرا الأوكرانية آرينا دومسكي في اليوم التالي. وعن هذه الأخيرة، تقول المديرة التنفيذية في اللجنة رولى عاصي إنّها اختارت التواصل معها لتقديم فن جديد للجمهور الجنوبي والزوار في إطار التثقيف الفني والاطلاع على فنون العالم. دومسكي المعروفة بأزيائها الكبيرة الحجم وذات الألوان المبهرة، تزور لبنان للمرّة الأولى. ولفتت عاصي إلى أنّ فن الأوبرا الذي لا يستهويه البعض، خصّصت له اللجنة محطة مهمّة عام 2003 باستضافة أوبرا عايدة الإيطالية.
في 5 آب (أغسطس)، سيكون الختام مع ليلة الشعر العربي الثابتة والمجانية «لتشجيع الناس على الإقبال على الشعر لكونه أحد أهم الفنون من جهة وللحفاظ على مكانة اللغة العربية من جهة اخرى»، على حد تعبير عاصي.