لندن | يحظى معرض تستضيفه الغاليري الوطنيّة الهنغاريّة عن الفنانة المكسيكيّة الراحلة فريدا كالو (1907 – 1954) بإقبال استثنائي في أوساط البرجوازيّة المثقفة وطلاب الجامعات حتى تجاوز عدد زائريه الثلاثة آلاف يومياً وفق إدارة الغاليري. لكن بعد أيّام قليلة من افتتاحه، تعرّض المعرض لانتقادات واسعة من الصحف اليمينيّة في البلاد التي اعتبرته بمثابة دعاية للشيوعيّة تنفذها مؤسسة حكوميّة بأموال دافعي الضرائب! وعنونت صحيفة «مجيار أدوك» ـ وهي من الصحف المقربة من الحكومة ـ «هكذا يتم التّرويج للشيوعيّة بأموال حكوميّة».
الجزء الخامس من المعرض الذي يُظهر كالو كأيقونة للقرن الحادي والعشرين

وكتبت: «إنه شيء لا يصدّق، ها هو (ليون) تروتسكي يظهر من جديد في بودابست، وهذه المرّة من سرير فريدا كالو» في استعادة للعلاقة التي جمعت كالو بأحد أهم رموز الثورة البلشفيّة الروسيّة 1917 عندما كان في منفاه الأخير قبل اغتياله على أيدي عملاء جوزيف ستالين.
وجددت هذه المقالات مخاوف في بوادبست من أن حكومة رئيس الوزراء اليميني فيكتور أوربان مستمرة في تطبيق سياسات ثقافيّة انعزاليّة، لا سيّما بعدما ألغت دار الأوبرا الوطنيّة عروضاً موسيقيّة منتصف الشهر الماضي بعد صدور مقالات نقديّة حادة ضدها في صحف اليمين اتهمتها بالترويج لـ «المثليّة الجنسيّة والانحلال الأخلاقي». ورغم أن دار الأوبرا برّرت قرارها بقلّة إقبال الجمهور على تلك العروض، إلا أن معظم المراقبين متفقون على أنّ الدار تعرضت لضغوط حكوميّة، وتعكس توجهاً عاماً في البلاد نحو معاداة الفنون والثقافة التي لا تتوافق مع النهج الأيديولوجي اليميني.
وكان حزب «فيديس» الهنغاري الحاكم قد وصل إلى السلطة في بودابست منذ 2010 على أساس برنامج قومي شوفيني معاد للهجرة والأجانب تحت شعار «هنغاريا قويّة»، ودعا أنصارُه في الجامعات والصحف اليمينيّة إلى أن تعكس الفنون التي تقدمها مؤسسات الدولة قيماً محافظة تتناسب مع توجهات الحزب اليمينيّة وتقاليد البلاد مع ضرورة استبعاد الدعايات الليبراليّة والشيوعيّة لتأثيرها «المفسد» على الشبيبة. وقد بدا فيكتور أروبان رئيس الوزراء الهنغاري صريحاً بشأن هذه التوجهات في خطاب ألقاه الشهر الماضي عندما قال: «تلك هي مهمتنا الآن: أن نصنع من نظامنا السياسي مرحلة ثقافيّة متكاملة في هنغاريا». وهو ما تسبب له بانتقادات من قبل أحزاب أوروبيّة وحتى من مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
من المعروف أن كالو التي تعتبر أيقونة تشكيلية ونسوية، كانت من أشهر أعضاء الحزب الشيوعي في المكسيك، وتصوّر مشاهد من غرفة نومها أنها كانت تحتفظ ببورتريهات فيها لكارل ماركس وماو تسي تونغ. وقد كتبت في 1951 بأنها «تشعر بالضيق من أن لوحاتها التشكيليّة كانت غالباً بورتريهات شخصيّة ذاتيّة وأنها تعتزم تكريس فنها كله من أجل العمل الثوري الشيوعيّ».