غزة | «شكراً قطر». عبارة اعتاد الفلسطينيون سماعها من سلطة رام الله وحكومة حماس، كما تكيّف بعضهم مع رؤيتها كملصقات في شوارعهم. «شكراً قطر» كانت حاضرة حين تبرّع الأمير القطري السابق حمد بن خليفة آل ثاني ملايين الدولارات في غزة عام 2012. ولم تغب كلمات الشكر هذه عندما زوّدت الإمارة القطاع بالكهرباء، بعد اتشاحه بالسواد لأسابيع جرّاء المنخفض الجوي الذي ضربه وشلّ الحياة فيه عام 2013.
يومها، علّقت السلطة الحاكمة الأعلام القطرية وصور الأميرين الأب والابن، فيما كانت منازل الغزيين غارقة في مياه الأمطار.
مجدداً، ارتفع رصيد «شكراً قطر» لدى سلطتي رام الله وغزة، بعدما أعلنت الدوحة أخيراً عن منح الشباب الفلسطيني فرصة العمل فيها، إذ ستستقبل الإمارة حوالى 40 ألف شاب من الفنيين والحرفيين والمهندسين بهدف «معالجتهم من داء البطالة».
على الضفة المقابلة، لم ينطلِ «كرم الأخلاق» القطري على جميع الشباب الفلسطيني، ولم يهرول الكلّ للتسجيل في مكاتب التشغيل المحددة في رام الله أو عبر الموقع الإلكتروني المخصص لغزّة والشتات لحجز مكانه في العاصمة التي تعترف بـ«إسرائيل» اقتصادياً وعلى محطتها الفضائية («الجزيرة»). هؤلاء أفرغوا سخطهم على مواقع التواصل الاجتماعي، معلنين الحرب على الدولة التي ستنتزع الشباب من الحضن الفلسطيني وفق ما يرون. وحصد التهكّم من «المكرمة» نصيب الأسد على الفضاء الإلكتروني تحت شعار «الأقصى في قطر!». أحد الشباب غرّد، قائلاً: «بعد خبر المكرمة القطرية، وبعد حجيج كل شباب فلسطين إلى هناك، أصبح أكيداً الآن أنّ الأقصى في قطر!».
حملت التغريدات والتعليقات الافتراضية اتهاماً مباشراً لقطر بالعمالة للاحتلال الإسرائيلي وبأنّ مكرمتها ليست سوى «مشروع صهيوني لتهجير الكفاءات». ورأى آخرون أنّ هذه الخطوة جاءت بعدما فشلت قطر في التحكّم بمصر، قائلين: «لم تستطع قطر شراء أهرامات مصر، فقامت بشراء شباب فلسطين!».
تحليلات الخطوة القطرية الجديدة لم تقف عند هذا الحد. هناك من ربط بين هذه «المكرمة» والتحضير لـ«مونديال 2022» الذي تستضيفه الإمارة الصغيرة. الشاب حمزة أحمد مثلاً، كتب على صفحته الشخصية على فايسبوك أنّ «قطر ستلجأ إلى الفلسطينيين لمساعدتها في التحضير لاستقبال كأس العالم، على صعيد الفنادق والملاعب والمستشفيات والمحال التجارية»، مشيراً إلى أنّ مصدراً يتحدث عن تجهيز «مبان تتكون من أكثر من 20 طبقة لتكون بمثابة مسكن للعمال الفلسطينيين». وتابع قائلاً إن عقود العمل تتجاوز مدتها «خمس سنوات، والأحقية للمهنيين والحرفيين والمهندسين».
وسط كل هذه التحليلات والتأويلات، لم تغب روح الدعابة عن مواقع التواصل. «شكلهم أهل غزة بدأوا بتجهيز الحقائب للرحيل إلى قطر من الآن. كل الشعب يريد السفر إلى قطر.
رح نكيّف بغزة وهي فاضية»، غرّد شاب فلسطيني، قبل أن يكتب آخر: «بس 40 ألف وظيفة يخرب بيتهم كحاتيت (بخلاء)! ليش مش 100 ألف مثلاً؟ أنا بقول نقدم وراقنا، منها بنكسب شغل ومنها بنحضر كأس العالم بعد 8 سنين».
مهما كانت غزة محاطة بصور الأمير تميم ووالده، يرفض كثيرون من الفلسطينيين السير على نهج سلطتي رام الله وغزة اللتين تعتبران «شكراً قطر» من مسلّماتهما!

يمكنكم متابعة عروبة عثمان عبر تويتر | @OroubaAyyoubOth