تونس | هل يكون جابر الماجري أوّل تونسي يهجر بلاده بسبب أفكاره بعد «الثورة» التي حملت شعار الحرية والكرامة، مثلما كان أوّل سجين رأي بعد هذه الثورة التي افتتحت «الربيع العربي»؟ هذا ما تداوله الناشطون التونسيون والحقوقيون أوّل من أمس بعد الزيارة التي قام بها وفد من الحقوقيين لـ«سجن المهدية» حيث يقبع جابر الماجري (٢٨ عاماً). تألّف الوفد من رئيس «الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان» كريم لاهيجي، والرئيسة الشرفية للفدرالية سهير بلحسن، ورئيس «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان» عبد الستار بن موسى، ومحامية الموقوف بشرى بلحاج حميدة، ورئيسة لجنة مساندة الماجري هند الشناوي وغيرهم.
كشف الماجري للوفد الحقوقي أن رئيس «الهيئة العليا لحقوق الإنسان» الهاشمي جغام، اتصل به منذ أيام وأبلغه اعتزام الرئيس المؤقت محمد المنصف المرزوقي الإفراج عنه، لكن بشرط القبول بمغادرة البلاد إلى السويد؛ لأنه لا يضمن حمايته. وصرّح أعضاء الوفد لـ«الأخبار» بأنّ الماجري أبدى موافقته على اللجوء إلى السويد بعد عامين من السجن وعقوبة سبع سنوات ونصف سنة بسبب رسوم نشرها على صفحته على الفايسبوك، عُدَّت مسيئة إلى الرسول. شملت القضية أيضاً صديقه غازي الباجي الذي تمكّن من الفرار من تونس والوصول إلى فرنسا التي يعيش فيها منذ عامين لاجئاً سياسياً (الأخبار 7/11/2013).
قضية الماجري هي أوّل قضية من نوعها في تونس، وتحاول المنظمات الحقوقية التدخّل للإفراج عنه لدى المرزوقي الذي يمنحه الدستور حق الإفراج عن المساجين. رغم أنه أفرج عن آلاف المساجين من بينهم أصحاب تهم خطيرة، إلا أنه رفض الإفراج عن الشاب بدعوى «الخوف على سلامته الجسدية». ورغم تأكيد الماجري قبوله اللجوء إلى السويد بطلب من المرزوقي، إلا أن وزير «حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية» في الحكومة المستقيلة سمير ديلو كذّب ما جرى تداوله. أكّد الأخير في تصريح إذاعي أنّ ما ارتكبه الماجري «إساءة إلى الوجدان العام ومسّ لمشاعر المسلمين تستوجب العقوبة. لكن من حقه أن يتمتع بحق العفو بالإفراج عنه لأن سبع سنوات ونصف سنة عقوبة قاسية جداً». معاناة الماجري في السجن دفعت أعضاءً من «المجلس الوطني التأسيسي» (من «الكتلة الديموقراطية») إلى إدراج فصل في الدستور يشدد على «حرية الرأي وتجريم التكفير». حاز هذا الفصل التصديق في المجلس بعدما كفّر النائب عن «النهضة» الحبيب اللوز القيادي اليساري منجي الرحوي. لكن حركة «النهضة» تراجعت عن ذلك الفصل، وطالبت كتلتها بتعديله بعد احتجاجات من قواعدها واستقالة أربعة نواب. ويتوقع أن تشهد هذه القضية تفاعلات كبرى قد توقف كل المسار التأسيسي والسياسي في تونس.