هل عادت المقاومة الإسلامية إلى المواجهة العلنية مع إسرائيل؟ هكذا، بدت الصورة الأسبوع الماضي، حين تأهّب جنود الاحتلال لصد عملية تفجير «سينمائية» في أحد المواقع المواجهة لبلدة كفركلا الجنوبية. هناك، كان فريق من الممثلين اللبنانيين والفنيين اللبنانيين والإيرانيين يعكفون على تصوير عملية استشهادية نفّذها الشهيد عامر كلاكش (1966 ــ 1985)، المعروف بـ«أبو زينب»، على بوابة المطلة في 10 آذار (مارس) 1985.
عملية تأتي ضمن الفيلم السينمائي «زهرة فؤادي»، الذي يجمع كارمن لبس، عمار شلق، باسم مغنية، يوسف حداد، حسين المقدم، علي كمال الدين (بدور الشهيد)، راشيل الحسيني، وغيرهم. وهو من كتابة رضا اسكندر، المتخصص في الدراسات الفنية الدراماتيكية، والحائز ماجستيراً عاماً في السينما، بمشاركة الكاتب الإيراني محمد غلامي، ومن إنتاج شركة «الأرز للإنتاج الفني». العمل الذي أكد كاتبه أنّ كلفته قاربت المليون دولار أميركي، من إخراج أحمد يوسف بإشراف المخرج الإيراني علي غفاري. على خلفية الاستنفار الإسرائيلي على الحدود اللبنانية ــ الفلسطينية، حظي الفيلم اللبناني ــ الإيراني تلقائياً بإعلان ترويجي من نوع خاص، سيكفل تأمين جمهور متشوّق لمتابعة الحكاية التي شغلت العدو، وتسببت بحالة ذعر في أوساط جنوده. ومنذ لحظة تصوير مشهد العملية، استنفر الكيان الصهيوني بجيشه وإعلامه. إعلام رأى في ما يجري على الحدود الشمالية «غطاء لحفر المقاومة الإسلامية أنفاقاً تحت الأرض»، وخصوصاً أنّ المنطقة التي يُصوّر فيها المشهد تبعد عشرات الأمتار من الحدود. ويوضح اسكندر لـ«الأخبار» أنّ «اختيار موقع التصوير ليس اعتباطياً، فهو المكان نفسه الذي جرت فيه العملية الاستشهادية قبل نحو 19 عاماً، لكن الإسرائيليين لديهم هاجس دائم من عمليات عسكرية على الحدود»، وأضاف: «هدفنا كان أن تكون صورة الفيلم قريباً جداً إلى الواقع، فضلاً عن الخلفية الطبيعية التي لم تتغير».
وعن الدعاية التي حصل عليها الفيلم قبل ولادته، يعلّق الكاتب قائلاً إنه «في الأصل لم نكن نطلب مثل هذه الدعاية، لكنه توفيق من الله أن يحصل الأمر ويحظى الشريط بإضاءة إعلامية؟ كان هدفنا إعادة إحياء ذكرى الشهيد، فيما يرى العدو أنّ التصوير في هذه المنطقة تحدٍّ وجرأة ووقاحة».
لن يضيف اسكندر عملاً على الأعمال التي أنتجتها قناة «المنار» وشركات إنتاج أخرى عن شهداء المقاومة، بل سيضيء على نحو خاص على والدة الشهيد إنصاف عاشور (كارمن لبس)، قبل أن ينتقل إلى والده توفيق (عمّار شلق) وأشقائه. ويشرح الكاتب أنّه كتب السيناريو منذ فترة طويلة، وأجرى تحقيقات ميدانية لإنجاز أوّل أعماله السينمائية. يركز الشريط على حكاية الأم، التي أخفت استشهاد ابنها خمسة عشر عاماً كاملة، حتى أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في احتفال التحرير في الخيام عام 2000.
يرى اسكندر أنّ الأم في الشريط هي الشخصية المحورية، لأنّها «المرأة التي تدافع عن كرامتها، وترى الظلم وانتهاك الكرامات يومياً»، موضحاً أنّها كانت «تعرف قرار ابنها بالانضمام إلى المقاومة منذ البداية، لكنها أخفت الأمر عن العائلة، وخصوصاً عن الوالد، الذي ما كان ليرضى بأن يترك ابنه المدرسة من أجل الالتحاق بالمقاومة». ونظراً إلى كثرة العملاء في بلدة دبّين الجنوبية آنذاك، «خافت الأم على ابنها، وأبقت الموضوع طي الكتمان»، أضاف اسكندر.
باسم مغنية، يؤدي دور الأخ الأكبر عادل الذي يعود إلى لبنان من ليبيريا في أفريقيا بعد عامين على استشهاد شقيقه. وهناك أيضاً راشيل الحسيني في دور نوال (15 عاماً) شقيقة الشهيد التي تعرف كل الأسرار وتتوفى مسمومة في ظروف غامضة، إضافة إلى حسين المقدم بدور رياض، الشقيق الذي يصغر عامر بعام واحد. فريق العمل، يضم إلى جانب هؤلاء، الممثل شريف عيتاوي في دور الرجل المسن الذي يكون آخر من يلتقي عامر قبل تنفيذ العملية، وحاول مساعدته على اجتياز أحد الحواجز. ويطل يوسف حداد في شخصية «أبو خليل»، أحد رفاق عامر في السلاح.
نهاية الشريط، ستكون بإعلان اسم الشهيد عام 2000، واكتشاف الوالد أنّ «أبو زينب» ما هو إلا نجله عامر، فيما يحرص اسكندر على تأكيد عدم انتمائه إلى أي جهة حزبية أو غير حزبية، لافتاً إلى «أنني أعمل في اختصاصي»، مثنياً على جهود فريق العمل، ولا سيما مدير التصوير ميلاد طوق. ويراهن الكاتب على عمل «مختلف» عما أنتج قبلاً من أفلام عن المقاومة، حيث جرت الاستعانة خلاله بخبير متفجرات إيراني، جهز عبوة من مواد مشتعلة، لاستخدامها في مشهد العملية الاستشهادية. ويتوقع أن يصل العمل إلى الصالات اللبنانية مطلع الصيف المقبل.




الحرب الناعمة

يمثل «زهرة فؤادي» باكورة الإنتاجات السينمائية لشركة «الأرز للإنتاج الفني»، وهو يأتي بعد سلسلة من الأعمال الوثائقية المنوعة عن فلسطين، والحرب على غزة، إضافة إلى شريط وثائقي بعنوان «الصراع السابع» عن كيفية تصوير «الحرب الناعمة» في عالم السينما. ويؤكد رضا اسكندر «أننا بعد الانتهاء من تصوير «زهرة فؤادي»، نُعدّ لمشاريع عدة، أحدها عمل سينمائي آخر، سيكون أكثر دسامة من التجربة الأولى». ويشدد على «أنني لن أخاطر في الدخول في عمل خفيف مطلقاً، حتى لو كان المشروع الذي ننفذه كوميدياً، نحرص على مستوى معين لا نتنازل عنه».