انطلقت أول من أمس أولى حلقات «حبيبي اللدود» (قصّة سيناريو وحوار منى طايع، إخراج سيزار حاج خليل، إنتاج طايع إنتربرايسز). عمل ثانٍ تقدمه lbci في الموسم الحالي بعد أكثر من شهر على بدء مسلسلها «ثورة الفلاحين» (كتابة كلوديا مرشليان- إخراج فيليب أسمر)، إثر استفتاء إلكتروني ابتدعته المحطة أمام الجمهور للتصويت على ثلاثة أعمال، فحاز «ثورة الفلاحين» النسبة الأعلى، لتقرّر lbci عرضه في بداية الموسم الخريفي. وبغض النظر عن آلية التصويت وفكرته وصدقيته، إلا أن المحطة جهدت في التحشيد والترويج العالي له. إذ سعت لتظهير أن «ثورة الفلاحين» هو العمل الدرامي «الأضخم لبنانياً»، وعملت على تظهير نجومه في برامج متفرقة. الأرقام الخارجة من شركتي الإحصاء («إيبسوس»، أو «آراء ميديا ريسيرتش» بالتعاون مع GFK ـــ راجع مقال الزميلة زكية الديراني)، تؤكد أن المسلسل التاريخي يتصدر المشهد الجماهيري، من حيث نسب المشاهدة. طبعاً، كلام لا يتقاطع أبداً، مع المزاج العام للمتابعة. ففي زمن السوشال ميديا، والمساحات التعبيرية الواسعة (ولو لم تشمل عينات ممثلة عن جلّ المجتمع اللبناني)، أضحينا في طريق آخر، يقلل من شأن الأرقام والنسب، التي خاض فيها أصحاب القنوات معارك طاحنة، من بينها «إيبسوس» التي بقيت متعاونة مع lbci طيلة السنوات الماضية، ووقفت بوجهها mtv بعدما اتهمتها العام الماضي بـ «التزوير لصالح مموليها»، أي lbci، تبعاً لما بثته وقتها في نشرة أخبارها المسائية. ثم في عام 2014، فضّت ستّ قنوات من أصل ثمانية تعاونها مع «إيبسوس»، احتجاجاً على «عدم الشفافية والاحتكار». وجاء دخول شركة GFK الألمانية (2013) إلى لبنان، ليكسر ما كرّس لأعوام بأنه «المحطة الأولى في لبنان»، قبل أن تبدأ المشاكل مع الشركة الجديدة، آخرها انسحاب «الجديد» منها، وكذلك mtv، التي باتت اليوم لا تتكل على أي شركة إحصائية، لتزودها بالأرقام ونسب المشاهدة. إذاً، جدل واسع يطول حول عمل شركات الإحصاء، وتحكّمها بسوق الإعلانات، ودخول بعضها في بازارات وصفقات، تقلل من صدقية عملها، عدا أن العينات المدروسة لا يمكن أن تمثل جلّ الشعب اللبناني ورغباته، والبرنامج أو القناة التي يتسمّر أمامها.
العينات المدروسة لا تمثل كل الشعب اللبناني، والبرنامج أو القناة التي يتسمرّ أمامها

إذاً، يتصدر «ثورة الفلاحين» اليوم المشهد الإحصائي، يليه «كارما»، ثم الأعمال الدرامية التي تعرضها «الجديد». يتصدر المسلسل التاريخي المشهد رغم خفوت الحديث عنه، أو إحداثه أي ضجة بعد أكثر من شهر على عرضه، أقله افتراضياً. ويبدو أنّ هذا الأمر انعكس على lbci، التي تعيش ارتباكاً واضحاً، إذ قررت عرض «حبيبي اللدود» هذا الأسبوع، قبل انتهاء «ثورة الفلاحين»، واقتسام أيام الأسبوع بين عملين مختلفين في النوع والوجوه والرؤية. هكذا أدخلت عنصراً جديداً على البرمجة بشكل مفاجئ، مع تطيير «دورة جونية جبيل» (كان موعد عرضه نهار كل جمعة) الذي يلقى اهتماماً جماهيرياً لافتاً لقرب قصته الشعبية ومعالجته الدرامية القريبة من الناس. طار «دورة جونية جبيل» بعد عرض حلقتين منه، من دون أن تقدم المحطة أي تفسير عن سبب تغيير خارطتها بهذا الشكل المفاجئ، فيما احتل «كارما» المسلسل الذي تخوض فيه ستيفاني صليبا دور البطولة إلى جانب رودني الحداد ـــ خاصة في الأسابيع الأولى ـــ اهتماماً لما قدمه من حبكة جديدة، وجهد واضح بذلته صليبا في تجسيد أكثر من شخصية في العمل. وهنا، يطرح السؤال عن سبب «استقرار» «ثورة الفلاحين» إحصائياً على مدى الأسابيع الماضية، فيما بقي «كارما» ثانياً أو ثالثاً؟