في 15 كانون الأول (ديسمبر) من هذا العام (2018) يُفترض أن يُحْيي ميشال فوغَن حفلاً غنائيّاً في «كازينو لبنان». منتجو الحفل: تويو توسي، وستار سيستم، وكازينو لبنان. فما هي بعضُ المحطّات غير المشرّفة في علاقة فوغَن بالكيان الصهيونيّ؟ـ في عام 2009، غنّى فوغَن في القدس المحتلّة، متجاهلًا ما يحدث لهذه المدينة، بشكل خاصّ، من تهويدٍ واعتقالاتٍ وهندسةٍ متواصلةٍ لتهجير المقدسيين.
ـ في 5 أيّار 2014، غنّى في قصر الرياضة في باريس، في مناسبة الذكرى 66 لنشوء الكيان الصهيونيّ. هذه الذكرى صادفتْ مرورَ 65 عاماً على الصداقة الفرنسيّة ـ الإسرائيليّة، وحضرها سفيرُ هذا الكيان في باريس، يوسي غال. علينا التذكيرُ هنا بأنّ المشاركة في هذه الذكرى، تحديداً، تفوق في دلالتها ورمزيّتها المشاركةَ في أيّ مناسبةٍ إسرائيليّةٍ أخرى، خارج الكيان الصهيونيّ أو داخله. فهي تعني المصادقةَ على النكبة، بل الاحتفالَ بذكرى عمليّات الإبادة والتهجير العرقيّ التي طاولتْ مئاتِ القرى والبلدات الفلسطينيّة سنة 1948.
ـ في 12 تشرين الأول 2015، شارك فوغَن في مهرجان «أنت أخي»، وهو حدثٌ نُظّم تحيّةً لضحايا الإبادة الأرمنيّة والمحرقة النازيّة. وحين سُئل إنْ كان جزءٌ من أرباح المهرجان قد يذهب إلى دعم ضحايا «رابطة دعم إسرائيل»، أجاب: «بصراحة لا يهمّني الأمرُ، لا أكثرث أبدًا...» بعبارةٍ أخرى، فوغَن لا يكترث البتّة إنْ ذهبت الأرباحُ، مثلًا، لدعم «إسرائيل» في أعمال قتلها وتهجيرها المتواصلة.
ـ في نيسان 2018، حضر فوغَن إلى الكيان الصهيونيّ لمشاركة الإسرائيليين «احتفالَهم» بالذكرى السبعين «للاستقلال» (أي النكبة). وبتشجيعٍ من جمعية Absi Keren Or، ذهب فوغَن إلى شمال فلسطين المحتلّة، حيث التقى جنوداً إسرائيليين شباباً. حينها، أجرت Israel Magazine مقابلةً معه، فامتدح الشعبَ الإسرائيليّ والجيشَ الإسرائيليّ. عن الأول قال: «إنّه شعبٌ عاطفيّ بشكلٍ لا يصدّق. إنّه لأمرٌ مذهلٌ كيف أنّ شعباً من المخترعين، من عباقرة التكنولوجيا والسيبرنيطيقيا والاكتشافات الطبيّة ورجالِ الأعمال، تحرّكهم مشاعرُ حقيقيّةٌ وقويّة...». أما عن الثاني، فذهب فوغَن في مشاعر الأنسنة إلى حدّ وصفه بجيشٍ من الأطفال الوديعين: «اليوم أفهمُ حبَّ إسرائيل لجيشها؛ إنّه جيشُ الشعب... لقد اكتشفتُ، خلافاً للصور التي تُنقل إلينا في أوروبا، أنّ جيشَ إسرائيل جيشُ أطفال. [لديهم] وجوهُ أطفال، همومُ أطفال. إنّ مَن يدافعون عن إسرائيل هم أطفال!».
يفترض أن يحيي الفنان المتصهين حفلة غنائيّة في «كازينو لبنان»


وفي مجلةٍ أخرى، Le Monde Juif، يعود فوغَن إلى الفكرة ذاتها. ولكنه هذه المرّة يذهب إلى حدّ تبرير أعمال التساهال (جيش «الدفاع» الإسرائيليّ) بكون الكيان الإسرائيليّ نفسِه في «حالة حرب، في خطر». يقول: «لقد سمعتُ الكثيرَ عن جيش الدفاع الإسرائيليّ. بالنسبة إلينا، على الضفّة الأخرى، نحن الأبعدين، فإنّ التساهال هو الجيش الإسرائيليّ الذي يقدَّم إلينا دوماً في صورة جيشٍ صلب... [لكنْ] في كلّ الخطابات التي استطعتُ الاستماعَ إليها، كنتُ أدرك أنّ التساهال هو، ببساطة، أطفالُ هذا البلد، أطفالُ إسرائيل... وهذا، هذا غيّر تماماً من نظرتي إلى الأشياء. تمامًا. إسرائيل بلدٌ في حالةِ حرب، في خطر. التساهال، في عقول الإسرائيليين، هو أطفالُنا، أطفالُ البلد...».
ـ في تمّوز من العام الجاري (2018) عاد فوغَن وغنّى في الكيان الصهيونيّ، في خضمّ مسيرات العودة الكبرى واستشهاد العشرات من المتظاهرين الفلسطينيين في قطاع غزّة. ولم ينسَ في نهاية هذا الحفل أن يقف مع آلاف الإسرائيليين وهم ينشدون النشيدَ «الوطنيّ» الإسرائيليّ (هاتيكفاه). صحيح أنّ فوغَن لا يعرف العبريّة ولا كلماتِ النشيد، الذي يتحدّث عن «أملٍ لن يضيع، بعد ألفيْ عام، في أن نكون أمّةً حرّةً في أرضنا، في أرض صهيون والقدس»، غير أنّه وضع يدَه على قلبه وتمايل معهم طرباً لتحقيق هذا الأمل الدمويّ الرائع!

هذا غيضٌ من فيضِ تصريحات ميشال فوغَن ومواقفه. فهل سينسى اللبنانيون والعرب ذلك كلَّه ويُنْشدون مع مَن يمدح قاتلَ أطفال فلسطين بالأمس واليوم وغداً: «غنِّ للحياة غنِّ، كما لو أنّكَ ستموت غداً»؟

* حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان