خليط من الرومانسية، الفكاهة، وحتى الغرابة... خلاصة مسلسل «أم البنات» (كتابة كلوديا مرشليان ـــــ إخراج فيليب أسمر)، الذي بدأت mtv، بعرضه أخيراً على شاشتها. العمل الذي أنتجته ليُعرض خصيصاً لفترة «عيد الميلاد»، لا يشذّ عن قواعد الدراما اللبنانية، من تكريس للكليشيهات، والأفكار المعلبّة، منكهاً بقضايا راهنة، كحقوق المرأة والعنف الأسري من خلال قصص متفرقة. «أم البنات» يجمع ثنائيةً في التمثيل كارين رزق الله، والكتابة كلوديا مرشليان، بعدما كانت رزق الله، تعمد في الفترة الأخيرة إلى تمثيل ما تكتبه من أعمال درامية خاصة في رمضان. هذه المرة، اتسم أداؤها، بالمتانة وبتجسيد شخصية أرملة، فقدت زوجها ليلة الميلاد بصاعقة كهربائية. تعيش مع بناتها الثلاث، وحماتها (وفاء طربيه)، ضمن أوضاع اقتصادية معدمة، وتعتاش من خلال صناعة الحلويات (العويمات).

طبعاً، أردات الكاتبة هنا حبك قصة مكرورة على غرار «سندريلا»، التي يأتي أميرها في النهاية وينقذها من بؤسها. في الحلقات الأولى من العمل الدرامي، نشاهد كيف أغرم «مايكل» (جيري غزال) سريعاً بـ «فرح» (كارين رزق الله)، بعد لقائهما في معرض ميلادي تملكه والدته (ختام اللحام). بعدها، بدأ بملاحقتها، وصولاً إلى محاولة إنقاذها مراراً من وضعها المالي المأزوم. طبعاً، قصة غير مقنعة، تلامس إلى حدّ بعيد السرديات المكسيكية التي تجمع بين كليشهات الثراء الفاحش، والفقر المعدم، بين امرأة جميلة فقيرة، ورجل ثري وسيم. جيري غزال، مقدم فقرة connected في نشرة أخبار mtv المسائية، الذي برز أخيراً كشاعر، ومغن وعازف، استحق بجدارة هذا الدور، الذي أدّاه بعفوية وصدق في تجسيد مواقف مختلفة. كذلك، أظهرت رزق الله قدرتها التمثيلية القوية، من خلال لباسها، وحركة جسدها ووجهها، إلى جانب ثنائية ناجحة قدمتها مع الممثلة المخضرمة ليليان نمري (زلفا)، التي تلعب دور جارتها المحبّة. برعت نمري في دورها، الممزوج بين الكوميديا المسلية، والتراجيديا العالية. إلى جانب قصص الحب، حضرت قضايا شائكة، كالإنجاب (قصة زلفا العاقر، وماري صديقة فرح التي فاتها قطار الإنجاب)، وحقوق المرأة، من خلال طرح جدلية مسؤوليتها في تقرير مصيرها، والتمرد على واقعها، وإن لم تملك فلساً (حصل ذلك مع زلفا لاحقاً بعد تحريض من فرح)، أو الاستمرار بالنضال اليومي للعيش، رغم الظروف القاهرة (كقصة فرح).
حضور النجمة المخضرمة وفاء طربيه آسر في العمل

إلى جانب القضايا النسوية، تعمّدت مرشليان، إدخال عامل الدين (فرح الغاضبة من الله، ورفيقاتها المؤمنات)، وقصة كليشيه «ماري/ أحمد» (مارينال سركيس ومجدي مشموشي) الثنائي «المسيحي/ المسلم»، الذي قرر تخطّي عامل الدين والزواج مدنياً في قبرص. وبعيداً عن الحبكة الدرامية، نجح العمل أيضاً، في استقطاب المشاهدين/ات، من خلال الصورة المتقنة والمبهرة التي عُرف فيها المخرج فيليب أسمر، ودقّته في التفاصيل. تبقى الإشارة إلى الممثلة ختام اللحام التي كسرت صورتها النمطية التي عرفت فيها في أدوار الفقر، تختبر هذه المرة، قصة امرأة فاحشة الثراء، تعاني أيضاً من هجران زوجها لها ولعائلتها. أما زينة العمل، فكانت الفنانة وفاء طربيه، التي تؤدي دور الأم المكلومة التي خسرت ابنها «نجم»، وأصبحت خرساء بعد هذه الحادثة. طيلة الحلقات السابقة التي ظهرت فيها طربيه، لم تتفوّه بحرف واحد، لكنّ حضورها كان آسراً. أعطت النجمة اللبنانية المخضرمة درساً في الأداء، حيث لا حاجة لكلام أو حوار، فالحضور لا يتعلق بهذا الأمر، بل ببراعة الشخص، وبلغة جسده، التي قد تغني عن حوارات طويلة في عالم الدراما.

* «أم البنات» من الاثنين إلى الجمعة 20:40 على mtv