حسمت شركة «كلاكيت» أخيراً خياراتها بخصوص الموسم المقبل. بعد سلسلة من العقبات، باشرت الشركة قبل أيام تصوير مسلسلها المعرّب «الإخوة» مع المخرجين سيف الشيخ نجيب، وعمار العاني. على خط موازٍ، قررت إنجاز عمل ثان يحمل اسم «الدومري» للكاتبين عثمان جحى وسليمان عبد العزيز، على أن تدور كاميرا المخرج سيف الدين السبيعي خلال أسبوعين كحد أقصى. وسينطلق التصوير من حارات دمشق، مروراً ببيروت، وانتهاءً بالإمارات. في حواره مع «الأخبار»، يقول عثمان جحى إن فكرة مسلسله تقوم على الصراع على المفاتيح الاقتصادية لآغوات الشام الذين كانوا يسيطرون على الاقتصاد الدمشقي، في ظل الاحتلال العثماني بين الأعوام 1840 و1860، والوصول إلى السلطة من خلال شخصية بسيطة هي «الدومري». لكن هل القصة مجموعة من الحكايات المتخيّلة التي قُدمت في أعمال شامية أخرى، أم أنّها حالة توثيقية لأحداث شهدتها أقدم عاصمة في التاريخ؟ يؤكد كاتب مسلسل «باب الحارة» أنّ «العمل يستند إلى إشارات تاريخية حقيقية في إطار حكاية شعبية ترقى إلى حالة التوثيق التي شهدتها دمشق في تلك الفترة. أي أنّه يمزج بين التوثيق والحكاية المتخيلة المنسوجة والمبنية على التاريخ».
وعمّا إذا كانت هناك فائدة من الغوص في الأحداث التاريخية لدمشق وهي تذبح اليوم ويرزح سكانها تحت وطأة الجوع والتهجير والحصار والموت، يرى جحى أنّه «لا يمكن التفكير بطريقة سلبية، وأنّ كل شيء سيتوقف حتى تنتهي الأزمة السورية». ثم يسأل: «أليس في تاريخ بلادنا دروس؟ وهل نستطيع دفن رؤوسنا في الرمال؟ وألا يمكن اعتبار أنّ ما تتعرض له الشام اليوم ليس سوى نتيجة لتاريخ مضى منذ 1400 سنة». ويضيف: «أوليس ما يحدث اليوم خطأً تاريخياً ستحاسبنا عليه الأجيال القادمة؟». بعد كل هذه الأسئلة، يصل الكاتب السوري إلى نتيجة مفادها أنّ التاريخ هو «النافذة التي نطل منها على حاضرنا وليس ماضينا»، وأنّ من يُنحّي التاريخ إنّما «ينكر الحاضر»، مشدداً على أنّ صنّاع «الدومري» لا ينكرون الحاضر القاسي الذي تعيشه دمشق، لكنّهم يأملون أن يسهم مشروعهم الدرامي في استخراج العبر، ليعود السوريون إلى رشدهم وإلى عاصمتهم.
هل يضمّ العمل إسقاطاً للصراعات حول السلطة والمال على ما يحدث اليوم في سوريا؟ يلفت جحى إلى أنّه «إذا كنا نؤمن بأنّ التاريخ يعيد نفسه، فبالتأكيد سيكون هناك إسقاط على الواقع. وأنا أجزم بأنّ البشر يتشابهون»، ويتابع: «في هذا العمل، حاولنا تقديم كل شيء، بدءاً بالمحاكاة والإسقاط، مروراً بالخيال، ووصولاً إلى الواقع والتاريخ».
من المعروف أن «الدومري» اسم يطلق على صاحب مهنة شعبية قديمة هي تزييت الفوانيس التي كانت تضيء شوارع دمشق. مهنة بقيت سائدة حتى مطلع القرن العشرين، حين دخلت الكهرباء إلى عاصمة الأمويين. لماذا اختير الاسم عنواناً للمسلسل الجديد؟ يعلّل الكاتب هذه الخطوة بأنّ «الدومري» اليوم هو «أشبه بعامل طوارئ الكهرباء»، مشيراً إلى أنّ «دمشق في القِدَم كانت تنار بالفوانيس التي تُشعل بواسطة الزيت، والدومري هو الشخص المسؤول عن إنارتها وتزييتها، كما أنّ من واجبه السهر في كل الظروف كي تبقى الفوانيس مضاءة، وأحياناً كان يبقى الشخص الوحيد في الحي أو الحارة. ومن هنا درجت المقولة الشعبية «ما في دومري» للمبالغة والإشارة إلى خلوّ المكان من الناس».
في ظل التحضير للجزء السادس من «باب الحارة»، الذي حصد جماهيرية كبيرة في السنوات الماضية، يمكن لعمل لـ«الدومري» أن يواجه منافسة شرسة. يعتبر كاتب المسلسلين أنّ «باب الحارة» هو من الأعمال التي يمكن تسميتها «قصة شعبية»، أما «الدومري» فهو شكل آخر من المسلسلات «هو أقرب إلى التاريخ الحقيقي»، يقول جحى. ورغم إقراره بأنّ «الدومري» قد يحظى بنسبة مشاهدة أقل من «باب الحارة»، يوضح أنّها ستكون «نوعية أكثر».
من جهته، يؤكد مخرج العمل سيف الدين السبيعي أنّ فريقه الفني وصل إلى المراحل الأخيرة من التحضير لبدء التصوير، وأنّ البداية ستكون في دمشق خلال مدة زمنية وجيزة. أما في ما يتعلّق بالأسماء المشاركة في «الدومري»، فيقول السبيعي إنّه سيكون من بطولة باسم ياخور وسامر المصري، إلى جانب مجموعة كبيرة من النجوم الذين لا يزال التفاوض معهم مستمراً. وأوضح السبيعي أنّ العمل سيكون جاهزاً للعرض على المحطات الفضائية في رمضان المقبل.
حتى الآن، يبدو أن الموسم المقبل للدراما السورية سيكون بمزاج شامي، وسيسجّل غياباً واضحاً للأعمال التي تتصدّى لأزمة البلاد الخانقة.




علي فرزات غاضب

حالما تداولت المواقع الإلكترونية خبر اقتراب تصوير مسلسل «الدومري»، تفرّغ فنان الكاريكاتور السوري علي فرزات للتأكيد أنّه سيرفع دعاوى قضائية على صنّاع العمل، لأنّهم «سرقوا» اسم جريدته التي أغلقتها الحكومة السورية، ولأنّهم موالون للنظام (ربما)! كلام استغربه كاتب العمل عثمان جحى الذي سأل: «هل الدومري ملك لفرزات؟»، مضيفاً: «الاسم تراث شعبي، وهو ملك لكل السوريين. ثم ماذا لو سمينا مسلسلنا المقبل «النجار»، فهل سيلاحقني أصحاب هذه المهنة قانونياً؟». وختم جحى بالقول: «مشكلتنا أننا نترك كل ما تمر به البلاد من مشاكل، ونلاحق صغائر الأمور».