«الثورة الوحيدة الحقيقية هيي ثورتنا عالذات (..). بدك ثورة، بدك تغيير، حكي جالس، إنت اللي بتغير، ما حدا غيرك». هكذا، تدخلنا الكلمات التي كتبها الفنان مروان خوري لبرنامج «حكي جالس» (إعداد وتقديم جو معلوف ـــ إخراج جورج خليل) في أجواء الثورة والتمرّد، وتبشّرنا بالتغيير الذي يبدأ من «الذات نحو المجتمع» كما يروّج البرنامج. هذا في الشكل. لكن، ماذا عن مضمون البرنامج في حلقتيه الأُولَيين؟ تغييرات كثيرة طرأت على خطاب المقدّم اللبناني الذي عرفناه رجعياً على محطة mtv، وخصوصاً بعد حلقته الشهيرة حول ملهى الدكوانة (الأخبار 24/4/2013).
حطّ معلوف أخيراً في lbci بخطاب حقوقي وإنساني مدروس، لكن متقمّصاً الأداء نفسه. يمتهن الدور كمونولوجيست مع استقرار النبرة الخطابية الهجومية طيلة الوقت.
تغيير في الديكور وفي عرض التقارير، التي بات المشاهد يراها بشكل تمثيلي، فيما ركّزت الحلقتان الماضيتان على قضايا اجتماعية وإنسانية مع «دوز» عال من الإثارة. وليس بالضرورة أن تكون الإثارة جنسية، مع أنّ جزءاً كبيراً منها كان كذلك، وتحديداً في الحلقة الأولى لدى الحديث عن اغتصاب الخادمة الأجنبية في أحد السجون اللبنانية، والابتزاز الذي تعرّض له مشاهير الفن والرياضة والسياسة من خلال التهديد بعرض فيديواتهم «الجنسية» المسجلة على الشبكة العنكبوتية.
يبدأ البرنامج عادةً بكمّ كبير من الوعظ والخطاب الناقم على السلطة والكراسي والمتكلّم باسم الناس، مع الحضّ على التغيير و«النق» على أوضاع البلد طيلة الوقت. يأتي ذلك عبر مقدمة تمتد لأكثر من 10 دقائق، يتلوها معلوف واقفاً إلى جانب كرسيه الأسود الكبير، والكاميرا تدور حوله مركّزةً على وجهه. يتوجه الى الناس قائلاً: «مين منكم حاسس حاله إنسان؟». يتحدث بعدها عن «الخواريف» وتبعية اللبنانيين وضرورة التحرر ليختم بتوجيه النقد عينه الى الطبقة السياسية والكراسي بشخصنة عالية: «اللي قاعد عالكرسي صعب يحكي جالس. أنا جو معلوف رح أحكي جالس».
اعتقد المشاهد أنّ حماسة معلوف الزائدة، بعد غياب أشهر عن الشاشة، قد تبرّر هذا الأداء المسرحي وتنصيب نفسه وصياً يتحدّث باسم الناس ويعظهم. الا أنّه سرعان ما يكرّر السيناريو في الحلقة الثانية: الوقفة عينها، المضمون الوعظي والساخط على السلطة والداعي الى ممارسة الإعلام دوره «التوعوي» في التنبيه من مخاطر الـ cybersex والجريمة. وبين الحلقتين، سجال وصل الى حد تقاذف الكلام والتهم بين طوني خليفة (برنامج «للنشر» على «الجديد») الذي لم يرقه كيف سبقه معلوف إلى فتح ملف الابتزاز الجنسي، فحوّل حلقته الى منبر للرد ووصل به الأمر إلى حدّ استضافة المتهم الأساسي في هذه الجريمة خالد مخلوف. جاء رد جو سريعاً وعنيفاً أول من أمس. بدا مستاءً، مع أنّه كان قد ذكر أسماء الشخصيات الشهيرة التي وقعت ضحية الابتزاز في الحلقة الأولى. لكن أول من أمس، اقتطعها بعدما أثار الأمر زوبعة لم تنته حتى اليوم. توجّه معلوف الى «زميله» خليفة، ملقّناً إياه درساً في القانون وأخلاق المهنة. وتحدث عن الفيديوات الجنسية التي ادّعى خليفة أنّها للاعبي كرة سلة، وسرعان ما تبيّن أنّها مأخوذة عن مواقع إلكترونية. وتحدث جو أيضاً عن «الحقد والكره» تجاه lbci وعن سقوط الصدقية لدى خليفة وبرنامجه.
في المحصلة، نقل معلوف ميكروفونه من mtv الى lbci متكئاً على المراجع القانونية والحقوقية في أي قضية يثيرها، وهذا ما يسجّل له. لكنه لم يستطع الخروج من عباءة الواعظ ولم يبتكر أسلوباً جديداً يخاطب به الناس ويقف على قضاياهم بعيداً عن النبرة العالية والبحث عن الإثارة ضمن الحدود الضيقة التي تتيحها القواعد الجديدة للبرنامج.

* «حكي جالس» كلّ ثلاثاء 21:30 على lbci

يمكنكم متابعة زينب حاوي عبر تويتر | @HawiZeinab