حمل روميو لحود راية المسرح الاستعراضي لعقود. انطلقت مسيرته مطلع الستينيات، واستطاع أن يصنع تاريخاً مسرحياً وغنائياً مع «الشحرورة» صباح والراحلة سلوى القطريب، وكان أوّل من أطلق ما عرف بـ«المسرح الدائم» في فندق «فينيسيا» في بيروت، من خلال العمل الاستعراضي «موال». كان لحود أيضاً من الفنانين القلائل ــ كي لا نقول الوحيد ــ الذين لم يتوقف نشاطهم حتى في عزّ الحرب الأهلية. وكانت آخر محطاته مع المسرح عام 2006 ضمن مهرجان بيئي في منطقة الذوق، حين قدم «ليالي لبنانية» مع مجموعة من الوجوه الجديدة كألين لحود التي كانت يومها في بداياتها الفنية. أراد روميو لحود أن يستفيد من حضور ابنة أخيه ناهي كفنانة شاملة في مسرحية «طريق الشمس»، بعد تقديمها قبل عامين تقريباً مسرحية «ع أرض الغجر» لغدي الرحباني. وبالفعل، أقيمت البروفات لأسابيع في مسرح «بلاتيا» (ساحل علما، شمالي بيروت).
يشرح روميو لحود لـ«الأخبار» أنّ «الافتتاح تعرقل بسبب عدم توافر صالة شاغرة للعرض، فأُجّل إطلاقها حتى اتفق لحود مع إدارة «كازينو لبنان» (جونية) على تقديم العروض على خشبته في 20 الشهر الحالي. سيتمّ الإعلان عن تفاصيل العمل الجديد في المؤتمر الصحافي الذي يقام اليوم في دار «نقابة الصحافة» (11 قبل الظهر). طيلة الأشهر الماضية، كان روميو لحود يخطّط لإعادة مسرح الـ«أتينيه جونية»، ليعيد عزّ المسرح الغنائي، لكن المشروع لم يكتمل. ستشهد الحلة النهائية لمسرحية «طريق الشمس» تعديلاً أساسياً، إذ فرض على صاحب «الأميرة زمرد» استبدال البطلة ألين بالمغنية ميكاييلا، لارتباطها ببرنامج The Voice في فرنسا (الأخبار 27/1/2014). طبعاً، هذا ليس التغيير الأول، لأنّ المسرحية كتبها روميو خصيصاً للأم سلوى والابنة ألين، إلاّ أن رحيل صاحبة «على نبع الميّ» وظروف البلد أجبراه على تأجيلها بصورة مستمرة. ويشير لحود إلى أنّ «العمل صالح لكل زمان ومكان، فقد كتبتها سلوى وألين واضطررتُ إلى تعديل قسم منها إثر رحيلها، فأسند دور سلوى إلى بياريت قطريب، مع بعض التغيير، لكن الأساس ظلّ موجوداً، وتوسع إطار المسرحية».
قبل أسبوع من إطلاق عروضها الأسبوع المقبل، انتقل الفريق إلى التمارين داخل المسرح. يوضح لحود أنّ «العمل يحكي عن بلد شرقي مشمس، وقصر مضوي في موقع عال، يقع على مفترق طرق. والكلّ عينه على هذا القصر ويخطّطون للاستيلاء عليه من صاحبته (فاديا عبود). وتؤدي ميكاييلا دور عنترة، وهي إحدى البنات اللواتي يعملن في القصر، وليس معروفاً من أين جاءت، لكنها مهضومة وشيطانة جداً».
وإذا كانت أغنيات مسرحياته السابقة قد صارت جزءاً من ذاكرتنا، فهل سيكون للأغنيات الجديدة وقع مشابه أم سيكون حالها كحال الأغنيات الرحبانية في مسرح السنوات الأخيرة؟ يفضّل لحود عدم الجزم، «أنتم كصحافة وجمهور عليكم أن تقولوا لنا، وتعطونا رأيكم، لكن ما أعرفه أنني أقدم أغنيات ذات معنى وأظنها قريبة من القلب». ويضيف «الجمهور تغيّر، وأظن أن الرحابنة اليوم يقدمون أغنيات قريبة للشريحة العمرية القريبة من 15 سنة، فيما كانت الألحان في المسرحيات القديمة ذات وزن أكبر وألحانها أنضج، كما أنهم يبتعدون عن الحكايات المستوحاة من التراث اللبناني، ربما لأن الإنتاج تتحكّم فيه شركات غير لبنانية». وفي سؤاله عن مصدر الإنتاج، يقول «إنها من إنتاجي الخاص، لم أطرق باب أحد يوماً، ولن أفعل اليوم، ويوم لم يكن عندي إمكانات، قررت عدم تقديم مسرح». ويقول «ظننت أنني خدمت عسكريتي بعد 33 سنة من العطاء من دون توقف، لكن بعد وفاة ألكسندرا (زوجته)، لم يعد لدي ما أفعله، لذا قررت العودة ولن أتوقف أبداً».
رسمت بابو لحود أزياء «طريق الشمس»، وصمّمت ناي مرعب رقصاتها واستُلهمت من أجواء التراث. يشكر لحود إدارة مسرح «بلاتيا» الذي حافظ على ديكور العمل كما هو منذ شباط (فبراير) 2013، قبل أن يتمّ بناءه في الكازينو مطلع الأسبوع الماضي. وتستمر عروض «طريق الشمس» شهرين تقريباً، «ليست كافية لاسترداد المصاريف، لكن هذا هو المتاح. أفكر جدياً في العمل مجدداً على استئجار مسرح قديم وتوضيبه ليستوعب عروضي المقبلة». وعمّا إذا كان يجهّز لعروض عربية، يقول «قد يسافر الممثلون مع مساعدتي كارن بيطار، والمخرج جهاد الأندري الذي عاد إلى التعاون معي بعد انطلاقته من مسرحية «بنت الجبل» عام 1987». ويُثني لحود على «الدور المهم الذي يقوم به الأندري في تدريب الممثلين على اللفظ وطريقة الأداء». يجمع العمل كلاً من جاد القطريب، الذي يشارك تمثيلاً وتلحيناً، وليد العلايلي، عفيف شيا، جوزيف أبو خليل وسواهم.
من جهته، يشرح جهاد الأندري أنه سعيد بالعودة إلى مسرح روميو لحود بعد أكثر من ربع قرن على عملهما معاً، مشيراً إلى أن «العمل يحمل إسقاطات سياسية وإنسانية عربية، وقصته تنطبق على الوضع الحالي». يطالب الأندري بعدم مقارنة هذا العرض بأعمال روميو مع سلوى، موضحاً أن «كل فنان يحمل زمنه معه، وسلوى القطريب كلّلها زمنها نجمة مسرح بامتياز، وجمهور اليوم مختلف. لنفتح صفحة جديدة مع الأبطال الجدد لروميو، عسانا نقتنع بهم ويقنعونا بمواهبهم».



* «طريق الشمس»: بدءاً من 20 شباط (فبراير) على مسرح «كازينو لبنان»