لا تزال صورة ضبابية في استديوهات تلفزيون «المستقبل» الذي أسسه الشهيد رفيق الحريري عام 1993. لا جديد في ملف المعاشات المكسورة للموظفين منذ نحو 12 شهراً. بل يبدو أنّ الوضع ذاهب إلى الأسوأ، إذ تنتشر أخبار عن موجة صرف جديدة، وهذه المرة بأعداد أكبر من المرات السابقة. مع العلم أن غالبية العاملين في تلفزيون «المستقبل» تتبع نظام الـ«فري لانس» (الدوام الحرّ)، بعد صرف مجموعات منهم قبل عامين تقريباً، وتحويل التعاقد مع البقية إلى «دوام حرّ». لكن الكلام اليوم حول وضع تلفزيون «المستقبل» يتمحور حول تحويله إلى قناة إخبارية فقط. هذه الخطوة متوقعة بعدما طلب هاني حمود مستشار رئيس الحكومة سعد الحريري، وقف جميع البرامج التي ينتجها ويعرضها تلفزيون «المستقبل». علماً أنّ حمود يُعتبر المحرّك الأول والأخير في المؤسسة وصاحب القرارات المصيرية فيها. بالعودة إلى الوراء، وتحديداً إلى شباط (فبراير) الماضي، انتشر كلام عن بيع أسهم (وحتى إقفال) المحطة أو تمويل جديد كخطة لانتشالها من أزمتها المادية المزمنة. يومها، اجتمع رئيس مجلس إدارة المحطة رمزي جبيلي بمجموعة من الموظفين، شارحاً الوضع، لكنه لم يقدّم أيّ جديد باستثناء تلميحات حول إعادة هيكلة القناة، مؤكّداً في الوقت نفسه على استمرار الأزمة المالية. بعد مرور شهرين على كلام جبيلي، بدأت عوالم الهيكلة تتضح في ظل صمت المدراء والقائمين على التلفزيون، وكلام عن أن الحريري يملك خططاً عدة لمستقبل المحطة، لكنه لم يستقر على قرار نهائي بعد. ورغم أن الحريري يصرّح دوماً بأنّ لتلفزيون «المستقبل» مكانة خاصة في حساباته، إلا أن كلامه لا يُطبّق على الأرض. أقلّه هذا ما يشعر به الموظفون الذين يشعرون باليأس إزاء إمكان حصولهم على معاشاتهم المكسورة. ويتوقع بعض المتابعين انطلاق الخطة الجديدة لـ «المستقبل» خلال أسبوعين، أيّ مع حلول شهر رمضان، وتتبلور صورتها كلياً بعد شهر الصوم. وتقضي الخطوة بإيقاف التلفزيون برامجه العادية خلال رمضان، على أن تتجمّد البرامج كلها في حزيران (يونيو) المقبل، وتحويل «المستقبل» من قناة ترفيهية إلى محطة إخبارية تتولى بث وتغطية الأخبار والتطورات السياسية وتحديداً ما يتعلق برئيس الحكومة سعد الحريري. ومن المعروف أن لتلفزيون «المستقبل» ثلاثة مراكز: منطقة القنطاري (برج المرّ) حيث تقع استديوهات الأخبار، و«بيروت هول» (سن الفيل) حيث تصوّر البرامج الفنية والترفيهية منها «عالم الصباح»، و«بلا طول سيرة» لزافين قيومجيان وبرنامج «تيلي ستارز» الذي تتولاه كارين سلامة ومشاريع أخرى. مع العلم أن العقد الموقع مع استديوهات «بيروت هول» سينتهي نهاية هذا العام، وبالتالي فالتفتيش عن مكان للتصوير سيكون مهمة مستحيلة في ظل الأزمة التي تعانيها المحطة. أما إدارة تلفزيون «المستقبل» فتتمركز في «سبيرز»، ويحكى عن أن المبنى رهن لأحد المصارف. الأكيد أن القناة الإخبارية ستكون مغايرة عن «المستقبل ــ الإخباريّة» التي أطلقتها إدارة القناة في الماضي، ثم أغلقتها بسبب ضعف محتواها الإعلامي، لأن التغيرات المنتظرة لن تقوم على استقدام وجوه إعلامية معروفة وتعزيز المحتوى الإعلامي في «المستقبل»، بل الاستغناء عن العاملين في القطاع الترفيهي والإنتاجي، والإفادة من الموظفين في قسم الأخبار فقط. الخطوة تأتي بسبب تراكم ديون التلفزيون من ناحية المصروفين وكلفة الإنتاج العالي وسط تراجع الدعم المالي السياسي، وأولى بوادره كانت إقفال صحيفة «المستقبل» بداية العام الحالي، فيما لم يتقاض المصروفون مستحقاتهم لغاية اليوم.