منذ فترة، قررت «لجنة صناعة السينما والتلفزيون» في سوريا ممارسة سلطتها الرقابية على نحو غير مسبوق. لعل ذلك يندرج ضمن رؤية مديرها الجديد بسام المصري لمحاولة سد الطريق أمام الدراما في تجييش الأحداث الحاصلة في البلاد ومنعها من صبّ الزيت على النار.
لذا، أصدرت اللجنة منذ شهرين تعميماً يحمل الرقم 909/ص (بتاريخ 22/12/2013) موجّهاً إلى منتجي المسلسلات الشامية على وجه الخصوص، طلبت منهم فيه عدم التورّط في شراء نصوص من دون الحصول على الموافقة عليها، وعددت «الملاحظات» التي يجب على صنّاع الأعمال الشامية، وعلى رأسهم المخرجون، التعهد بمراعاتها وأخذها في الاعتبار، منها: عدم ذكر كلمات مثل «ثوار الغوطة» أو «ثوار» أيّ منطقة أخرى (الأخبار 9/1/2014). ورغم الطريقة الغريبة في محاولة منع الدراما من ذكر كلمات مثل «ثوار الغوطة» تماشياً مع المزاج الرقابي السائد هذه الأيام (علماً بأنّ الكلمة ترجع إلى تاريخ نضالي سطّره السوريون في سبيل تحرير أرضهم من المستعمر الفرنسي)، لم يكن التعميم سوى حلقة أولى في مسلسل «مكسيكي» غريب عجيب! سرعان ما واصل رئيس اللجنة على النهج نفسه، مصرّحاً أمام أحد الكتّاب بأنّه سينهي ظاهرة «الدراما الشامية». ويبدو أنّ بسام المصري بدأ التدقيق في أسماء الممثلين الذين سيؤدون أدوار البطولة في بعض المسلسلات الشامية. فبعدما كتبت «الأخبار» أنّ الممثل سامر المصري سيؤدي بطولة مسلسل «الدومري» لعثمان جحى وسيف الدين السبيعي (الأخبار 5/2/2014)، اعترض المسؤول السوري على ذلك باعتبار أنّ بعض الممثلين السوريين صاروا ينتمون إلى التيار «الصهيوسعودي» على حدّ تعبيره، ومجرد مشاركتهم في أي عمل ستكون سبباً كافياً لمنعه رقابياً، و«الدومري» أحد تلك الأعمال، لأنه سيكون من بطولة «أبو شهاب». لعلّ هذا الأمر ليس جديداً، ما دامت السفارة السورية في الإمارات رفضت تجديد جواز السفر الخاص بالنجم السوري المقيم في دبي بسبب بعض تصريحاته المناهضة للنظام (الأخبار 30/9/2013). لكن في هذه الحالة، يفصح أحد المعنيين بالموضوع، فضّل عدم الكشف عن اسمه، عن أن هناك مشكلة شخصية بين سامر المصري وبسام المصري، ما يدفع الأخير إلى التصرّف بهذ الطريقة.
مرة جديدة، لم نتمكن من التواصل مع رئيس «لجنة صناعة السينما والتلفزيون» الذي كان هاتفه مغلقاً، لكن أمين سرّ اللجنة ماهر أمين ردّ على استفساراتنا بالقول: «اللجنة غير مخوّلة بقراءة النصوص وإعطاء الموافقات الرقابية اللازمة عليها، فتلك مسؤولية متعلقة بلجنة قراءة النصوص في التلفزيون السوري، ومهمتنا هي الوساطة بين المنتجين والتلفزيون لا أكثر». لكن ماذا عن التعميم والملاحظات الأخرى التي صدرت عن اللجنة؟ يردّ «تلك مجرد خطوة استباقية قمنا بها حتى لا يقع المنتجون في فخ شراء نصوص تنطوي على تلك النقاط». لكن كيف يمكن مهمة اللجنة أن تنحصر في الوساطة بين المنتجين والتلفزيون وتبتعد عن الرقابة، ثم تصدر تعميماً رقابياً بامتياز تحذّر فيه المنتجين من التصدي لأعمال تنطوي على نقاط يحويها التعميم؟ يحيلنا أمين سرّ اللجنة على رئيس لجنة قراءة النصوص في التلفزيون السوري فراس جابر موسى. وعندما نسأله عن اعتراض اللجنة على بعض الممثلين المعارضين ووصفهم بـالـ«صهيوسعوديين»، ينفي الأمر بنحو قاطع، ويؤكد أنّه لم يصدر عن اللجنة ولا عن أي جهة أخرى تعنى بصناعة الدراما أي تعليمات تخص الممثلين وتمنع مشاركتهم في المسلسلات، مهما كانت مواقفهم السياسية. أما النجم سامر المصري، فينفي في حديثه مع «الأخبار» أن تكون هناك أي صلة قرابة أو معرفة شخصية برئيس «لجنة صناعة السينما والتلفزيون». لا يعرف سامر المصري شيئاً عن قصة حظره من قبل رئيس اللجنة، يقول: «أتذكر أنّه عندما كنت عضواً في «لجنة صناعة السينما...»، كنا نصل الليل بالنهار من أجل ازدهار صناعة الدراما. لكن على هذه الحالة ستموت الدراما». ويستطرد بردّه الغاضب: «مثلما حفرنا في الصخر لنرفع اسم سوريا والدراما عبر العقدين السابقين، سنحارب أمثال هذا الرجل الذي يحاول بقراراته تشويه الدراما من خلال تشويه التاريخ وتزويره، ظنّاً منه أنه يخدم الوطن، وهو في الحقيقة لا يخدم إلا بعض قليلي العقول والمنتفعين ممن أوحوا له أو دفعوه كي يصدر هذا التعميم الذي يتعارض مع مصلحة الوطن والمواطنين وكل من يحمل الهوية السورية».
مهما كانت نتيجة الحرب التي يخوضها رئيس «لجنة صناعة السينما والتلفزيون» ضد الدراما الشامية وبعض نجومها، فمن المؤكد أن الخطوة عبارة عن عصيّ جديدة توضع في عجلات المهنة السورية الأكثر نجاحاً.




العين بالعين

لم يتمكن النجم السوري سامر المصري من السيطرة على نفسه في سياق ردّه على ما صدر من رئيس «لجنة صناعة السينما والتلفزيون» بسام المصري من قرارات. أكد نجم «باب الحارة» أنّ ما يقوم به الرجل «الدخيل على هذه المهنة» هو سلوك شخصي جداً. وأضاف بسخرية: «هو ينفذ أجندات «صهيو منفعجية»، لأنّه ليس من مصلحة سوريا ولا أي مواطن سوري شريف أن يعطّل حركة الدراما السورية، خصوصاً في مثل هذه الظروف الصعبة التي يشهدها الوطن». أخيراً، يعد نجم «الشام العدية» بأن «تبقى راية الدراما السورية مرفرفة عالياً رغماً عن أمثال بسام المصري، لتعلو كلمة الحق وترفع الهوية السورية وتنشر ثقافة السوريين الشرفاء».