جيرار دوبارديو ليس مغنّياً. إنه ممثلٌ فرنسي حاصل على الجنسية الروسية. لكنه ممثل من الطراز الأسطوري بتاريخه وإنجازاته وموهبته، ما يسمح له ــــ إن امتلك الحد الأدنى من القدرات الصوتية ــــ أن ينجح في تقديم أمسية إحياءً لأغنيات وذكرى صديقته العزيزة المغنية الشهيرة بربارا (1930 — 1997). حضوره الآسر يكفي وحده لتحقيق نصف المتعة المرجوّة من أمسيته التي يقيمها ضمن «مهرجانات بيت الدين الدولية» (20 تموز/ يوليو). عناصر نجاح الموعد المرتقب كثيرة. فأولاً، حضور دوبارديو إلى لبنان لإحياء هذه الحفلة ليست فكرةً مستقلة، اعتباطية، ناتجة من رغبة مفاجئة في استغلال الشهرة في مجال التمثيل والسينما. المشروع له قاعدة متمثّلة في الألبوم الذي أصدره الممثل الكبير قبل سنتين بعنوان «دوبارديو يغنّي بربارا» حوى باقة من أشهر أغاني الراحلة، من بينها L’aigle noir وMa plus belle histoire d’amour وGöttingen وDis, quand reviendras-tu? وغيرها (يحوي الديسك 14 أغنية معظمها من فترة الستينيات والسبعينيات). كذلك، فالأمسية تأتي ضمن الجولة الترويجية الخاصة بهذا الإصدار. ثانياً، من يرافق دوبارديو في تسجيل الاستوديو كما في جولته وفي الأمسية الشوفية هو عازف البيانو الذي رافق بربارا منذ عام 1981 حتى رحيلها، جيرار داغير (Gérard Daguerre). بالإضافة إلى الصداقة التي ربطت الفنانَين الفرنسيَّين، فقد كان لهما ظهور مشترك على المسرح في عمل بعنوان Lily passion. هذه المسرحية الغنائية كتبتها بربارا نصاً وموسيقى بالتعاون مع نجم المسرح الغنائي الفرنسي، الكندي لوك بلاموندون، وعُرضت عام 1986 على مسرح «زينيت» الشهير، بربارا بدور المغنية وجيرار دوبارديو بدور عشيقها القاتل، مع العلم بأن ألبوماً حمل هذا العنوان صدر منذ سنتين وحوى أغنيات غير منشورة للمغنية الراحلة (كانت قد سجّلتها عام 1985، لكنها لم تصدرها).بعد غياب بربارا، ظل مشروع تقديم باقة من أغانيها يراود دوبارديو، حتى اجتمع مع دوغير وسجّلا الألبوم الذي سنسمعه بنسخته الحية في «بيت الدين». في هذا العمل، نسمع بصوت الممثل القدير أغنيات يعرفها الجمهور جيداً، مضيفاً عليها نكهةً خاصة بنبرة صوته الفخمة وأدائه التمثيلي، ولا سيما أن بعضها يحوي مقاطع شبه محكية.
صدر ألبوم منذ سنتين وحوى أغنيات غير منشورة للمغنية الراحلة


جيرار دوبارديو تاريخ. يصعب اختصاره بجملة ولا بمقال ولا بأكثر من ذلك. أفلامه بالعشرات، وهو لا يزال ناشطاً في مهنته الأولى (تصل مساهمته في التمثيل إلى خمسة أفلام أو أكثر في السنة) على الرغم من بعض السقطات (الإنتاجية والإخراجية لا الأدائية) في مشاريع فاشلة عمل فيها، مثل «راسبوتين» و«ديوان ستالين»، الفيلمَين اللذين ربما أراد من خلالهما ترك بصمة في السينما التي تستعيد جزءاً من تاريخ روسيا التي يعشقها، وتكنّ له احتراماً كبيراً نظراً إلى المعاملة الخاصة التي حظي بها من السلطات هناك، على رأسها الرئيس بوتين، الذي منحه الجنسية بمرسوم خاص وسلّمه جواز سفره الجديد يداً بيد قبل بضعة أعوام.