يبدو أنّ 20 آذار (مارس)، يوم الاحتفاء بالفرنكوفونية عبر القارات الخمس، سيحمل تحديات كثيرة، على عكس السنة الماضية التي حملت شعار «نحلم بالفرنكوفونية»، متمحورةً حول الشباب والتعددية اللغوية. اليوم، أضحى الخطاب أكثر حذراً وخوفاً على هذه الثقافة واللغة. هذا الانطباع يستشف من رسالة الأمين العام لـ«المنظمة الفرنكوفونية» عبدو ضيوف الذي شدّد على «المظاهر الرهيبة للعولمة التي تتناسى الإنسان وكرامته وحريته». يواصل هجومه على العولمة وتداعياتها الاقتصادية، ليصل الى لبّ الكلام عن التوحيد الثقافي واللغوي الذي «يهدد الإرث الفكري والثقافي للبلدان». إذاً، إنّه خوف يتسلّل إلى «شهر الفرنكوفونية في لبنان» الذي يستمر طوال شهر آذار (مارس)، رافعاً شعار «لا نمزح مع الفكاهة» في إحالة على مسرحية ألفريد دو موسيه «لا نمزح مع الحب». انطلاقاً من الضحك والفكاهة وصناعة هذا الفن، تتمحور معظم فعاليات الاحتفالية بين عروض مسرحية ومعارض فوتوغرافية وتشكيلية. لعلّ الضحك هو الرد الأمثل على العبثية التي يغرق فيها لبنان وما يعيشه من اضطرابات أمنية تراجيدية.
الحدث الذي تشرف على تنظيمه وزارة الثقافة اللبنانية، بالاشتراك مع «المعهد الفرنسي في لبنان» و«الوكالة الجامعية للفرنكوفونية» وأكثر من 8 دول فرنكوفونية، تبدو روزناماته حافلة وغنية تطال مختلف الشرائح العمرية. أكثر من 4000 زائر داخل بيروت و8000 من باقي المناطق شهدتها احتفالية العام الماضي. هذه السنة ستتطيّف الاحتفالية بألوان من الفرح والفكاهة مع عروض مسرحية (راجع المقال المقابل) وسينمائية ومحترفات للتلامذة ومسابقات، وما بينها مساحة للاحتفاء بـ«يوم المرأة العالمي» (8 آذار) الذي كرّست له السفارة الكندية معرضاً فوتوغرافياً بعنوان «نساء»، بالاشتراك مع جامعتي «ألبا» و«البلمند» (27/2 الى 1/3) في حرم جامعة «ألبا» (سن الفيل). وبينما يحتفي المعرض بنساء كنديات من أصول مختلفة تركن بصمةً في مجتمعاتهن، تقدّم المخرجة لارا قانصوه في «عرس زهوة» (من 13/3 حتى 16/3 ـــ مسرح مونو) قصة صديقتها التي ذهبت ضحية «جريمة شرف» ضمن عمل مطعّم بالرقص والرسم والشعر (نصوص لعباس بيضون ومحمود درويش ومارغريت دوراس) يحاكي مصائر نساء من مصر إلى الأردن مروراً بلبنان. وللسنة الـ15 على التوالي، ينطلق «مهرجان الرواة والمونودراما» في «مسرح مونو» (من 11/3 حتى 16/3) مركّزاً على تيمة المرأة بمشاركة خمسة حكواتيين فرانكوفونيين وخمسة لبنانيين هم نسيم علوان، وسارة قصير، وفيرونيك نادر، وأحمد طي، وخالد نعناع.
تيمة الاحتفالية المتركزة على فن الضحك ستتضمّن معرضاً بعنوان «قرن من الرسوم الساخرة أمام امتحان الضحك» (المعهد الفرنسي في لبنان ــ من 1/3 حتى 22/3) قوامها «مجموعة فؤاد دباس». تضمّ الأخيرة الصحف الساخرة العائدة إلى عام 1860 و1861، وبطاقات بريدية فكاهية تقدّم بانوراما عن الحياة في لبنان وسوريا وفلسطين في بداية القرن العشرين، مع عرض أكثر من 40000 صورة فوتوغرافية ووثائق للممثلين الكوميديين. تطرح هذه المجموعة أسئلة عدة أوّلها: أي نظرة نلقي اليوم إلى وسائل الترفيه العائدة إلى الزمن الغابر؟ وفي معرض آخر، تحيي السفارة البلجيكية صدور أول مجلة أوروبية تعنى بالرسوم المصورة Spirou وتعرض لأغلفتها من العدد صفر حتى اليوم (غاليري الصيفي). وللتلامذة حصتهم أيضاً. فللسنة الثالثة على التوالي، يقيم «المعهد الفرنسي» محترفات فنية في مختلف فروعه (طرابلس، بعلبك، زحلة، بيروت، دير القمر، صيدا، النبطية، صور). وفي الأجواء عينها، لكن هذه المرة على الصعيد الجامعي، تقدّم «الوكالة الجامعية للفرنكوفونية» نشاطات تمتد شمالاً ولا تنتهي جنوباً، مع نهار مخصص للحديث عن «أمن الإعلام» و«الجريمة المعلوماتية» بالاشتراك مع نقابة المهندسين في الشمال (1/3 ــ نقابة المهندسين). وفي صيدا، تقام مسابقة في الخط العربي تنظمها جامعة «الجنان». مديرة الوكالة الإقليمية سلوى ناكوزي تشدّد في حديثها مع «الأخبار» على أهمية الثقافتين الفرنسية والعربية، وتشجيع الترجمة. برأيها، الفرنكوفونية هي في الدرجة الأولى «الدفاع عن اللغات والثقافات والتعددية وليس تذويبها في لغة واحدة لا طعم لها».



«شهر الفرنكوفونية» في لبنان من 28 شباط (فبراير) حتى 28 آذار (مارس) ـــ
www.institutfrancais.com

يمكنكم متابعة زينب حاوي عبر تويتر | @HawiZeinab