تحتاج وزارة الإعلام السورية جيشاً من المنجّمين حتى يتمكّنوا من التنبؤ بخططها المستقبلية. رغم التعثر الواضح في الخطة الإعلامية المرسومة على أكثر من صعيد، والفشل الذريع الذي لقيته قناة «تلاقي» التي انطلقت منذ فترة وجيزة (الأخبار 24/4/2013)، إلا أنّ الوزارة أصرّت على إطلاق قناة «عروبة» لتحل مكان الفضائية السورية في حال أنزلت الأخيرة عن قمر «نايل سات» تنفيذاً لتوصيات جامعة الدول العربية.
رغم مرور القصة على خير ومواصلة الفضائية السورية بثها بشكل طبيعي، إلا أنّ وزارة الإعلام واصلت مساعيها لإطلاق «عروبة» حاملة فكراً قومياً عروبياً، ومشكِّلةً منبراً جديداً يشد أزر النظام ويدعمه ويدافع عنه في وجه الهجمة الإعلامية التي يتعرض لها إلى جانب الحرب الميدانية. وبالفعل، فقد وظفت مجموعة من الشباب المتحمسين من دون وساطات، وكلفت الإعلامي معن صالح ليشرف عليهم، على أن يبتعد خطاب المحطة عن اللغة المتخشبة التي وسمت الإعلام السوري الرسمي طيلة عقود، وتخرج من عباءة المحلية باتجاه الجمهور العربي. مرت سنة وثلاثة أشهر والتحضيرات تجري على قدم وساق. لكن منذ يومين، حصل ما لم يكن في الحسبان. اجتمع المسؤولون في «الهيئة العامة للإذاعة التلفزيون» مع العاملين في المحطة وأبلغوهم شفهياً قرار وزارة الإعلام بإيقاف بث القناة نظراً إلى الظروف الاقتصادية المتدهورة التي تشهدها البلاد. لكن ماذا عن الأشهر الطويلة من التعب والتحضير التي ذهبت سدى؟ لا يجرؤ أحد من العاملين في المحطة ممن تواصلنا معهم على الإجابة. يفضّل هؤلاء الذهاب نحو مراكزهم الجديدة في التلفزيون، محاطين بالخيبة فالحالة لا تحتمل مجابهة المسؤولين في هذه الظروف! أما نائب المدير العام لـ «هيئة الإذاعة التلفزيون» المكلف بإدارة المحطة معن صالح، فقد ظل صامتاً طيلة فترة التحضير، ورفض الادلاء بأي تصريح حول خطته في العمل. لكنه خرج عن صمته أمس، وقال لـ «الأخبار»: «لم يلغ المشروع بشكل نهائي لكنه تأجّل لفترة نتيجة الأحداث التي تشهدها البلاد والأوضاع الاقتصادية المتعبة. وفي هذه الحالة، فضلنا أن نستثمر الفريق الذي استقدمناه حديثاً وقد صار مؤهلاً بشكل كاف في أماكن جديدة من التلفزيون». لكن ماذا عن الاحباط الذي أصاب الفريق نتيجة هذا القرار؟ يرد صالح «على الإطلاق، ليس هناك إحباط، خصوصاً أننا لم نتخل عنه وهو في النهاية موظف لدى «الهيئة العامة للإذاعة التلفزيون» وسنستثمره في أماكن فعالة». في السياق ذاته، لا نجد عند غالبية المسؤولين الذين نتواصل معهم جواباً شافياً يبرّر خطوة إلغاء المحطة أو تأجيل إطلاقها لأنهم يرون أن ظروف البلاد استثنائية. لذلك، فهي تحتاج إلى خطط طارئة وسريعة تتماشى مع الحالة السائدة حتى «لو اضطررنا لإتباع سياسة إطفاء الحرائق والتعامل بشكل آني مع الأحداث، فتلك هي الخطط المتاحة والممكنة حالياً».