نحن بين جدران مستشفى للأمراض العقلية، نشاهد يوميات مريضين نفسيين، وهواجسهما، وعلاقتهما المتوتّرة، فيما لا تفلح مساعي الطبيب في تقديم المساعدة. المصحّ هو لبنان في مسرحية جو قديح (كتابة وإخراجاً) «سمير وميشال أو ميشال وسمير» التي تنطلق الخميس في «مسرح الجمّيزة».
يعاني 89 (هشام حدّاد)، و 2005 (رودريغ سليمان) الشيزوفرينيا، فهما يظنّان نفسيهما رجلين سياسيين مهمّين: يقفان أمام الجماهير، يلقيان الخطابات، فيما يتمثّل هوسهما في الكرسي. هنا يحيلنا المخرج على المشاغل السياسية في لبنان. وبرغم ابتعاده عن الكلام السياسي، لا يمكن للعرض أن يخفي حقيقة المريضين القابعين أمامنا، هما بالطبع سمير جعجع وميشال عون: «2005» يعيد الكلمات ثلاث مرات ويقطف الورد باستمرار، و «89» مهووس بالليمونة ويتمسّك بالكرسي.
تأخذ المسرحية منحى كوميديا ساخرا إلى حد الكاريكاتورية، حيث يعتمد المخرج اللبناني على حركات الممثلين المبالغ فيها، واللعب على الكلام والأغاني وبعض الإيحاءات الجنسية. الجنون والخرق والأمراض النفسية تنتقل أيضاً إلى الطبيب (أنطوان بلابان)، فيما تفلت أمور المرضى من يديه ومن يد الممرضة (ماغي بدوي). هكذا سيصبح العلاج بالدراما هو الخيار أمامهما لمعالجة المريضين. مسرحية أوديب هي محور جلسة العلاج بالدراما التي تشارك فيها الشخصيات الأربع. في الجلسة، يؤدّي المريضان دوري ابني الملك أوديب، ويتقاتلان من أجل الحكم. هكذا تتداخل الأمكنة والشخصيات في إسقاطات على الوضع اللبناني. وفيما ابتعد قديح عن معالجة سيكولوجية جدّية، وظّف الجانب السيكولوجي لإظهار استحالة النجاة من الجنون. لذلك، اكتفى بتوصيف الحالة بطريقة كوميدية، وبإطلاق صرخة أخيرة في وجه معركة الحكم في لبنان.

* «سمير وميشال أو ميشال وسمير»: 20:30 مساء بدءاً من 6 حتى 31 مارس _ «مسرح الجميزة» _ 76/409109.



نجومه الجدد

منذ أشهر، بدأ جو قديح العمل على «سمير وميشال أو ميشال وسمير». وخلال تلك الفترة تبدّل الممثلون أكثر من مرّة، قبل أن يرسو قديح على كل من رودريغ سليمان، وهشام حداد، وأنطوان بلابان، وماغي بدوي وعبدو عطة. شارك الممثل اللبناني رودريغ سليمان في مسلسلات عدّة أبرزها «وأشرقت الشمس»، وأدى دور البطولة في فيلم «عكر» (2013). أما أنطوان بلابان (الطبيب)، فعرفناه في مسلسلات «صور ضائعة» و«غنوجة بيا» ومسرحية «الشر الأوسط» (2008) لجو قديح. كذلك، قدمت ماغي بدوي حوالى 30 مشاركة مسرحية، وأخرى إذاعية، لكن تجربة هشام حداد مختلفة. اعتدناه في تقديم البرامج التلفزيونية، أبرزها «لول» و«حرتقجي». أما عبدو عطة، فقد أدى دوراً ثانوياً جداً في المسرحية وهو الطباخ أديب. حول العمل مع الممثلين، يخبرنا قديح أنه مهتمّ جداً بسماع آراء الممثلين وإقتراحاتهم، ليكتمل التعاون، «لهذا السبب نحن عائلة واحدة اليوم».



عودة المخرج


في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، افتتح جو قديح (الصورة) «مسرح الجميزة» في «مدرسة الفرير» (الجميزة _ بيروت). هذه الخطوة الواعدة وسط انحسار الفضاءات الثقافية في بيروت، ترافقها مواعيد غنية في برمجة المسرح. أهم هذه المواعيد هي: عروض الستاند آب، والحكواتي، وأخرى موسيقية، وراقصة، وسينمائية، وورش عمل. أما جو قديح، فيبدو برنامجه أيضاً صاخباً حتى الآن على صعيد الإخراج والتأليف، بعد عرض «ريما» الذي قدّمته روزي يازجي أخيراً، وعرضه الحالي. هكذا، يكون قديح الذي عرفه الجمهور اللبناني كممثل في السنوات الماضية من خلال عروضه الستاند آب كـ «الأشرفية» (2010)، و «حياة الجغل صعبة» (2009) وغيرها، قد عاود عمله السابق في التأليف والإخراج، الذي بدأه عام 1995 في مسرحية لجورج شحادة بالفرنسية. كذلك أخرج وألف أعمالاً عدّة، مثل «الشر الأوسط» و«مطار شارل ديغول»، و «عاليمين» وغيرها.