لا تعمل القنوات المحلية وفق الخطّة الأسبوعية للبرمجة التي وضعتها كما يحصل عادة. بل إنّها تعيش حالياً لحظة بلحظة، وتقرّر البرنامج الذي ستعرضه على أساس التطوّرات الحاصلة على الأرض، فإمّا تطلق الكاميرات في الشوارع أو تبثّ مشروعاً من مشاريعها تسحبه فجأة من الأدراج. إثر التظاهرات التي تعمّ المناطق اللبنانية، بات الحراك الشعبي هو الطاغي على الشاشات التي تتنقل في مختلف المناطق، وتفتح هواءها مباشرة للتوقف عند التطورات الحاصلة. كل هذا يأتي ضمن خطة المنافسة بين الشاشات لتغطية الحراك. ورغم مرور أكثر من أسبوعين على التظاهرات، لم تستطع المحطّات أن تخرج من قالب تحرّكات الشارع طالما هو في حالة تحوّل مستمرّ، فالتطوّرات تحصل بشكل طارئ وتعيق عودة البرمجة إلى طبيعتها. وقد حاولت الشاشات قبل أيام استئناف وتيرتها الاعتيادية، وراحت تعرض مسلسلاتها بعد نشرة الأخبار المسائية. لكن تلك الخطوة لم تتمّ بسلام إثر عودة التظاهرات إلى المناطق من دون أيّ إنذار مسبق. بالتالي، قامت «الجديد» وlbci بتقسيم الشاشة إلى قسمين، في الأعلى بثتا أعمالهما الدارمية، وفي الأسفل فتحتا نافذة صغيرة كناية عن لقطات من التظاهرات. لكن حتى هذه الحيلة لم تعد بأيّ فائدة على الشاشة لأن المشاهد لم يعد في مزاج متابعة المسلسلات. لذا، اتّخذت المحطتان قراراً بالتركيز على الشارع ووضع كلّ المشاريع الأخرى جانباً.هكذا، بات الشارع اليوم يتحكّم بمصير البرمجة التي تعاني في الأساس من خلل أدّى إلى عرقلة ولادتها في فصل الخريف. في المقابل، سوف يكون الحراك مادة أساسية للبرامج الساخرة أولها برنامج «لهون وبس» الذي تعرضه lbci الليلة (21:40) على شاشتها ويقدّمه هشام حداد. الحلقة خاصة تحمل اسم «ثورة وبس» وتتضمن لقطات من التظاهرات وبعض التحليلات السياسية. ورغم بث البرومو الترويجي للحلقة، إلا أنّ قناة lbci لا تستطيع أن تحسم قرار البث أو إلغاء الحلقة، لأنّ ذلك رهن بما سيجري في الشارع. لكنّ حداد يواجه حالياً تحدّياً جديداً على الشاشة، إثر مشاركته في التظاهرات منذ انطلاقها واتّخاذه مواقف سياسية واضحة.
يشكّل الحراك مادة أساسية للبرامج الساخرة

وبات السؤال يتعلّق بمدى نجاح برنامج «لهون وبس» الساخر في فترة دقيقة يمرّ بها البلد. فبعدما كان البرنامج يتوجّه إلى المواطنين على اختلاف انتماءاتهم وآرائهم السياسية، هل سيظلّ محتفظاً برقعة متابعيه؟ في المقابل، جمّدت قناة «الجديد» حالياً عرض برنامج «عباس وأهضم ناس» الذي كان سيقدّمه عباس شاهين. كذلك الحال بالنسبة إلى قناة mtv التي تكتفي حالياً ببثّ بعض برامجها على «الخفيف» مراعاة للشارع ومطالب المتظاهرين. تحت شعار «يوم بيومو»، تعمل القنوات حالياً وفقاً للأخبار العاجلة وتطورات الشارع.