ما يجمع بين القنوات اللبنانية حالياً، هو تأخّرها في إعلان برمجتها المخصّصة لسهرة رأس السنة التي تستقبل فيها عام 2020. حتى إن البروموهات التي تروّج لتلك السهرة لم تنطلق بعد على القنوات بسبب التأخّر في تصوير الحلقات. على عكس باقي السنوات، لم تحسم الشاشات رأيها بشأن تلك الليلة التي تضعها عادة في سلّم أولوياتها، إلّا أنّها هذه المرة انتظرت الأسبوع الأخير من كانون الأول (ديسمبر) الحالي لحسم موقفها. هذا الأمر يُعزى إلى التغييرات التي تطرأ على البرمجة على خلفية الحراك الشعبي الذي انطلق في 17 تشرين الأول (نوفمبر) الماضي. بسبب التظاهرات، جمّدت المحطّات برمجتها العادية، وعرضت مكانها مشاريع تلفزيونية غلب عليها الطابع السياسي حاكت المستجدّات على الساحتَين السياسية والاقتصادية. كما كانت الشاشات تقرّر البرامج التي ستعرضها كلّ يوم بيوم، بناءً على التطوّرات في الشارع حيث كانت تنقل التظاهرات مباشرة من هناك.
تستقبل رابعة الزيات العيد بحلقة خاصة مع ملحم زين

هكذا، فقدت برمجة استقبال 2020 رهجتها، كأنها نفّذت على عجل، بعيداً عن التميّز والمنافسة كما كان يحصل في الأعوام الأخيرة، بحُكم الأزمة المالية التي تضرب القنوات أيضاً. كما أن مزاج المشاهد قد تبدّل بحكم الظروف الاستثنائية التي يمرّ بها البلد. هذا العام، دخلت القنوات في إطار مختلف في رأس السنة، إذ لوّنت برمجتها بفقرات تجمع فيها التبرّعات المالية للمحتاجين أو تبرّعات لعلاج حالات إنسانية بسبب الظروف المادية الصعبة التي يمرّ بها اللبنانيون. وانطلقت الشاشات بتلك الفقرات «الخيرية» التي تنافست فيها، ورفعت رايتها وغزت برامجها. فقد خصّصت قناة otv حلقة إنسانية ليلة عيد الميلاد حملت اسم «كرمال كلنا نعيّد» تولّتها داليا داغر (بدعم من بعض الجمعيات) وجمعت فيها تبرّعات مالية وصلت إلى حدود 600 مليون ليرة لعلاج حالات تعاني من أمراض خطيرة. على الخطى نفسها، مشت قناة «الجديد» التي فتحت هواءها ليلة الميلاد أيضاً لجمع التبرّعات تحت عنوان «إنت العيد» قدّمتها رابعة الزيات (سبقها عدّة فقرات أيضاً) وجمعت مبلغاً مالياً لطفل يحتاج إلى العلاج. وكانت قناة mtv قد أصيبت بتلك «العدوى» أيضاً قبل أيام من العيد، فخصّصت فقرات من برامجها لحالات معينة، من بينها فقرات من برنامج «منّا وجرّ» الذي يقدّمه بيار رباط (كل ثلاثاء) حيث أُلقي الضوء على مواطنين بحاجة إلى المساعدة. كذلك الحال بالنسبة إلى برمجة قناة lbci التي قدّمت مساعدات إنسانية. من هذا المنطلق، ارتدت الشاشات حلّة المساعدات الإنسانية وانخرطت في جمع مبالغ مالية للمحتاجين في خطوة باتت معتادة في أجواء العيد، لكنّها هذه المرة اتّخذت مساحة أكبر من السنوات الماضية.
لكن ماذا تحضّر لنا القنوات ليلة وداع 2019 التي تصادف مساء الثلاثاء المقبل؟ سؤال بدأنا بطرحه قبل أسابيع من نهاية هذا العام، وكان جواب القنوات «لم نرسُ على شيء بعد. فكلّ شيء رهن بالظروف السياسية. ربما ننقل مباشرة من قلب التظاهرات!». هكذا، تريّثت الشاشات قبل أن تحسم موقفها بناءً على التطوّرات السياسية، لتُعلن أخيراً أن ليلة رأس السنة لن تكون مختلفة كثيراً عن سهرة الميلاد، مع بعض «البهارات» في علم الفلك و«البصّارين» الذين سيغزون القنوات كما تجري العادة. سيتوزّع هؤلاء «العرّافون» على الشاشات مطلقين التنبؤات الفلكية التي تمسّ عالم السياسة والفنّ والأبراج. تلك «المحطة» الفلكية استحالت موضة مع السنوات لم تبهت حتى اليوم.

تكشف ماغي فرح عن توقعات الابراج على قناة «الجديد»

في هذا السياق، تنطلق سهرة mtv باكراً وتحديداً غداً الأحد (21:40)، إذ تعرض حلقة تحمل اسم «سنة الدهشة» وتقدّمها جنيفير عازار وجيري غزال. الحلقة مسجّلة يمكن وصفها بأنّها «اسم على مسمّى»، وهي أشبه بجردة للتطوّرات السياسية والفنية والاقتصادية التي عاشتها المنطقة ولبنان. يتخلل الحلقة لقاء مع شخصيات من مختلف المجالات، وتُختتم بمقابلة مع عالمة الفلك كارمن شمّاس التي تتحدّث عن الأبراج مع مرور على ما تحمله سنة 2020 لكلّ برج. تستكمل قناة mtv وداعها للعام الحالي، لتفتتح برمجتها ليلة استقبال 2020 بلقاء مباشر على الهواء مع ميشال حايك تحاوره رانيا أشقر. يتابع حايك حضوره السنوي على قناة المرّ، حيث تحطّ توقّعاته أمام الكاميرات وسط موسيقى تشويقية. المقابلة تنقسم على جزءين، الأول ربورتاج يقارن بين التوقعات التي أطلقها حايك العام الماضي وتلك التي تحقّقت. أمّا الجزء الثاني فهو عن «تنبؤاته» للعام المقبل. وكانت الأحاديث قد كثرت أخيراً عن توقعات حايك العام الماضي عن التظاهرات في لبنان وتفصيل الوضع الذي سينتظر اللبنانيين. تُكمل قناة mtv لقاء حايك، وتعرض لاحقاً حلقة خاصة من برنامج «منّا وجرّ» الذي يتوّلاه بيار رباط ويستقبل ضيوفاً يحتفلون بالحدث السعيد. الحلقة قد لا تكون مباشرة على الهواء كما سبق واعتاد متابعو البرنامج، بل تمّ تسجيلها قبل ساعات من وداع العام الحالي. على أن يحسم فريق العمل تلك النقطة في الساعات المقبلة.
من جانبها، لا تحمل قناة lbci أيّ مفاجآت ليلة استقبال العام الجديد، بل تُعتبر برمجتها نسخة طبق الأصل عن ليلة عيد الميلاد، مع فارق بسيط في الضيوف. إذ يطلّ هشام حداد في حلقة وداعية لهذا العام من برنامج «لهون وبس» مستعرضاً ضمن فقرات سريعة بعض المواقف الساخرة لفنانين وفرق موسيقية ولقطات كوميدية. كما تتضمن الحلقة حواراً مع ليلى عبد اللطيف التي «تفرش» توقعاتها أمام المتابعين.

تتشارك جنيفر عازار تقديم حلقة «سنة الدهشة» على mtv مع جيري غزال

ويبدو أن برمجة العيد على lbci ناقصة بسبب غياب مالك مكتبي الذي عوّد المتابعين على حلقات استثنائية كان «يطبخها» على مدى أشهر ويعرضها ليلة رأس السنة، وكانت دائماً ما تحمل الكثير من التشويق وتكسر أرقاماً قياسية في نسب المتابعة. فقبل ثلاثة أعوام، لفت مكتبي الانتباه بالحلقة التي استقبل فيها زينب بلوط التي تبحث منذ سنوات عن والدتها السريلانكية ديبا دارميسيري، لتكون خاتمة الحلقة التي بُثت على جزءين، بوفاة الوالدة بعدما التقت بابنتها. حلقة حملت جرعات عالية من التأثير كونها قاربت موضوع العنصرية واستغلال عاملة أجنبية تعرّضت للاغتصاب في لبنان من قِبل ربّ الأسرة التي تعمل لديها، وأنجبت ابنة قبل أن «تلفّ» الفضيحة، وتُبعد الأم عن ابنتها وترحَّل إلى بلدها. كذلك خلال العام الماضي، أطلّ مكتبي في حلقة حملت اسم «الدمية» التي حكت سيرة أب باع أولاده خلال الحرب الأهلية. هذا العام، يبتعد مكتبي عن الكاميرا وعن برنامجه «أحمر بالخط العريض»، متّخذاً من نفسه مكاناً محايداً منذ انطلاق التظاهرات حيث قرّر «العزلة» هذه الفترة.
يقرأ ميشال حايك توقّعاته مباشرة على هواء mtv ويطلّ هشام حداد في حلقة خاصة


لا تعتبر برمجة «الجديد» مختلفة عن برمجة زميلتَيها mtv وlbci، بل إن الوضع بين القنوات الثلاث متشابه بشكل لافت. لكن يطغى على برمجة «الجديد» نفحة المساعدات الإنسانية. إذ تُكمل المحطة حلقة الميلاد التي حملت اسم «إنت العيد» عبر جمع التبرعات ومساعدة الناس. كما تتناوب غالبية مقدّمي «الجديد» على إتمام تلك المهام. من جانبها، تطلّ ماغي فرح في حوار مسجّل على «الجديد» لتستعرض توقعاتها الفلكية للأبراج. في هذا السياق، تشير ماغي في اتصال مع «الأخبار» إلى أنها «تفضّل ليلة رأس السنة الحديث عن الأبراج فقط، مبتعدة بشكل كلّي عن السياسة». تكمل فرح كلامها «أطلّ على «الجديد» لاستقبال العام الجديد. وفي أول يوم من 2020، ستحاورني دانيا الحسيني ضمن حلقة خاصة على قناة otv». الحلقة أصبحت بمثابة «عُرف» ثابت على الشاشة البرتقالية حيث تتلو فرح توقعاتها في اليوم الأول من العام الجديد، بعيداً عن زحمة سهرة العيد.
سهرة العيد ستكون «خجولة» على قناة otv. يقول باتريك باسيل مدير البرامج في القناة البرتقالية: «هذا العام لن يكون هناك استعراض، بل حفلة متنوّعة من الاستديو يقدّمها سيرج أسمر مع مجموعة من الضيوف وفقرات ووجوه سياسية وإعلامية ومشاهير».

برمجة العيد على lbci ناقصة بسبب غياب مالك مكتبي الذي عوّد المتابعين على حلقات استثنائية


وفي جولة سريعة على «تلفزيون لبنان» ليلة العيد، تبدو البرمجة باهتة، تنقسم إلى قسمين: الأول سهرة فنية يقدّمها شادي ريشا وبيار مخول وتطلّ فيها باقة من الفنانين. والجزء الثاني يتضمّن توقعات متنوّعة تطلقها عالمة الفلك جمانة وهبي. من جانها، لم تحسم قناة nbn سهرتها بسبب الوضع السياسي السائد في البلد. لكن في الإجمال، قد تتضمن السهرة توقعات تكشف عنها عالمة الفلك جمانة قبيسي، إضافة إلى «فوكس بوب» للمواطنين في الشارع الذين يعبّرون عن أمنياتهم للعام الجديد. وسط هذه المشهدية، تبدو رابعة الزيات الأكثر حظاً بين سهرات العيد. فقد سجّلت حلقة خاصة ستعرضها قناة «لنا» ليلة العيد، يطل فيها ملحم زين ضمن حوار يتحدث فيه عن الوطن والغناء والعائلة. يقدم المغني اللبناني مجموعة لوحات غنائية باللهجة العراقية واللبنانية. بعد شبه عزلة عاشها منذ أشهر ولم يدل خلالها بأي تصريح يتعلق بما تشهده الساحة اللبنانية، قرّر زين البوح بأمنياته ضمن هذا اللقاء على الشاشة السورية التي تتخذ من بيروت مقرّاً لها. سهرة «لنا» تبدأ مع الإعلامي اللبناني طوني بارود الذي يطل في برنامج الألعاب الخاص به «محلولة»، تتبعه الإعلامية ماغي فرح وتوقعات الأبراج لعام 2020 ضمن حلقة من «لازم نحكي» لتمام بليق ورنا شميّس، قبل أن يحين موعد بارود مجدداً.
في المحصلة، لن يكون إستقبال 2020 بـ«طنّة ورنّة» كما كان يحصل سابقاً، بل تغلب على البرمجة نفحة «حزينة» تحمل بعض الآمال بزوال الغيوم السوداء.



لا حفلات في بيروت... والصامدون قلّة
هذه السنة، سيهجر معظم النجوم اللبنانيين حفلات بيروت بسبب الظروف التي تشهدها البلاد، فيما قرّر بعضهم مواجهة الأزمة وإحياء حفلات في العاصمة، ولو أن عدد تلك السهرات قليل مقارنة بالسنوات السابقة. فقد قرّر غالبية المنتجين ومنظمي الحفلات استقبال عام 2020 خارج لبنان، بسبب التطوّرات السياسية، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية. هكذا، قرّر النجوم اللبنانيون توزيع خريطة حفلاتهم بين دبي وأبو ظبي وعمان والقاهرة، ومدن أخرى.

يطلّ الفنان اللبناني في حفلة في «كازينو لبنان»

لائحة طويلة من الفنانين تركوا بيروت من بينهم سيرين عبد النور التي ستغني في مصر، وراغب علامة في عمان، ونجوى كرم في الإمارات وغيرهم. في المقابل، غابت الحفلات الكبيرة عن فنادق ومطاعم بيروت، وحضرت السهرات الخجولة والمتوسطة وسط غياب لافت لأكثرية فناني الصفّ الأول. حتى إن بعض البرامج الفنية التي تقدّمها الشاشات تعاني من مشكلة في استضافة فنانين، بسبب وجودهم خارج البلاد للتحضير لحفلة وداع 2019.
من جهته، قرّر معين شريف توديع 2019 بحفلة في «كازينو لبنان» في جونيه إلى جانب هشام حداد الذي يقدّم «ستاند أب» كوميدي. الفنان اللبناني أصرّ هذا العام على البقاء في مدينته رغم الظروف التي يمرّ بها لبنان. في هذا السياق، يقول شريف في اتصال مع «الأخبار» «في عزّ القصف الإسرائيلي لم أترك لبنان، فهل أهجره في أزمته الحالية؟». نجم أغنية «بعدك متل ما إنت» عاد أخيراً إلى بيروت بعد سهرة أحياها في دمشق، شارحاً موقفه «إذا أفلس البلد هل نهجره؟ حفلتي هذه السنة رسالة واضحة وشكل من أشكال الصمود. لدينا بصيص أمل نتمسّك به». على الضفة الأخرى، يطلّ المغني هادي خليل في حفلة في «الأطلال بلازا» (غزير مقابل «كازينو لبنان») إلى جانب المغني ميشال قزي. هذه الحفلة بدأ الترويج لها أخيراً وتتصدر لوحاتها الإعلانية جوانب الطرقات في بيروت. كما يحيي خليل سهرة ثانية ليلة استقبال 2020 في «كورال بيتش» في منطقة الجناح، إلى جانب وديع الشيخ، مع «ستاند آب كوميدي» يقدمه هشام حداد. إذاً، تغيب الحفلات عن بيروت بعدما كانت تضيء سماء العاصمة في السنوات الماضية ويتأفّف بعضهم من ارتفاع أسعارها، ليعود الصمت ويسيطر على غالبية الفنادق والمطاعم المتوسّطة التي تحتفل بخجل بليلة استقبال 2020.