«الدراما اللبنانية ليست بخير، لكنها قد تستعيد عافيتها قريباً». تعليق تجمع عليه غالبية المنتجين والقنوات اللبنانية التي تقدّم دراما محلية خلال شهر رمضان. إثر التظاهرات التي اندلعت منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، توقف تصوير مجموعة كبيرة من الأعمال التي كانت مخصصة لبرمجة الخريف والشتاء الحالي، إلى جانب أخرى كانت مخصصة للعرض في رمضان 2020. هذا الجمود هدّد الكثير من الأعمال التي كانت القنوات قد تعاقدت مع منتجيها. بعد أشهر على توقيف التصوير، ومع بدء العدّ العكسي لحلول شهر الصوم الذي يصادف أواخر شهر نيسان (أبريل) المقبل، استعادت شركات الإنتاج الهمّة عبر استئناف التصوير واستكمال المشاريع. هكذا، عاد الكلام عن الدراما المحلية التي ستبصر النور في رمضان، لتدخل باب المنافسة، مع تأكيد عدم ثبات البرمجة الرمضانية إلا قبل دقائق من انطلاق الموسم بحكم الظروف السياسية الطارئة التي يعيشها لبنان، وتعليق القنوات برمجتها تبعاً للتطورات في الشارع. فهل يشهد رمضان 2020 دراما لبنانية، بخاصة أن هناك عقوداً التزمت بها شركات الإنتاج مع القنوات؟ صعوبات كانت ولا تزال تقف في وجه تلك المشاريع، من النواحي المادية، أضيف إليها اليوم تحدّ آخر هو قطع الطرقات والاضطرابات الحاصلة في لبنان. مع ذلك، وضعت شركات الإنتاج، خريطة رمضانية أولية لجملة مسلسلات ستكون على الأرجح حاضرة في رمضان. الخطة تتضمن احتمالات عدة، من بينها «نبش» مجموعة من المسلسلات التي سبق أن اشترتها القنوات من شركات الإنتاج لعرضها في الخريف، لكنها تأجّلت بسبب الأحداث. مثلاً، تحتفظ lbci بمسلسل «بالقلب» (لطارق سويد وجوليان معلوف) الذي يجمع بديع أبو شقرا وسارة أبي كنعان. وكانت المحطة قد بدأت بعرض المسلسل في الخريف قبل أن توقفه بسبب التطورات على الأرض. كما يتوقع أن تكمل lbci تعاقدها مع شركة «إيغل فيلمز» لعرض مسلسلين: الأول «أولاد أدم» (رامي كوسا والليث حجو) الذي يجمع مكسيم خليل وماغي بو غصن ودانييلا رحمة وقيس الشيخ نجيب. كما ستعرض مسلسل «دانتيل» (مأخوذ عن فورما أجنبي ويخرجه المثنى صبح) الذي يجمع سيرين عبد النور ومحمود نصر. في المقابل، قد تعرض القناة مسلسلين لبنانيين هما في حوزتها منذ أشهر طويلة، هما «دورة جونية جبيل» (تأليف رازي وردة، وإخراج علا حيدر، وإنتاج «مروى غروب») و«غربة» (كتابة ماغي بقاعي وإخراج ليليان بستاني وإنتاج «أفكار برودكشن»). كما قد تبتاع مسلسلات مشتركة أخرى من شركة «آي سي ميديا» التي تقدّم مجموعة أعمال رمضانية على رأسها «الساحر» الذي يجمع عابد فهد وستيفاني صليبا. في هذا السياق، تشير جوسلين بلال مديرة البرامج في lbci لـ «الأخبار» إلى أنه «يبدو أن الدراما المحلية سيكون لها نصيب في رمضان. لا قرار لغاية الآن بشأن الخارطة الرمضانية على القناة، فكل شيء رهن بظروف البلد».في المقابل، انتهى صنّاع المسلسل اللبناني «لو ما التقينا» (تأليف ندى عماد خليل، إخراج إيلي الرموز، منتج منفذ المخرجة كارولين ميلان، وإنتاج Gold Films) الذي يلعب بطولته يوسف الخال وسارة أبي كنعان، من تصوير العمل الدرامي قبل أسبوعين وأصبح جهازاً للعرض. لم يحدّد القائمون عليه موعداً لبثه، لكن في منتصف شباط (فبراير) سيعلن عن القنوات التي اشترته بحسب كلام كارولين ميلان لـ«الأخبار».
من جانبها، لا تزال خطة «الجديد» تائهة، على أن يكون شهر شباط هو الحاسم بالنسبة للخريطة الدرامية التي يبدأ التحضير لها قبل أسابيع من شهر الصوم. وربما أيضاً تشتري مسلسلات في اللحظات الأخيرة لتدخل بها السباق بشكل مفاجئ. إذ تلجأ الشاشات عموماً، للتحفّظ عن المسلسلات التي تشتريها، ولا تعلن عنها إلا يوم بدء شهر رمضان. هذه الخطة ترفع من سقف المنافسة، على أن يتم لاحقاً تحديد تواقيت بثّ المسلسلات بناء على قوتها بين الأكثر إثارة للجدل والأقل. لكن حتى الآن، لم تستأنف «الجديد» تصوير إنتاجاتها التي توقفت إثر التظاهرات، على رأسها مسلسل «آخر الدني» (إخراج إياد نحاس). من جانبها، يبدو أن mtv استكملت تعاونها مع شركة «صبّاح إخوان» ووقعت عقداً مع رئيس مجلس إدارتها صادق صباح، لعرض ثلاثة مسلسلات مشتركة تنتجها الشركة، هي: «الهيبة 4» (لفؤاد حميرة وسامر البرقاوي) و«20 20» (لنادين جابر وبلال شحادات وإخراج فيليب أسمر) و«من الآخر» (لإياد أبو الشامات وشارل شلالا) الذي يجمع معتصم النهار وسينتيا صاموئيل وريتا حايك. أما بالنسبة إلى المسلسلات اللبنانية البحت، فمن المتوقع أن تعرض القناة مسلسل «بردانة أنا» (كلوديا مارشيليان ونديم مهنا) الذي يجمع كارين رزق الله وبديع ووسام حنا، بعد توقف عرضه منذ أشهر. ففي ظلّ غياب كارين عن رمضان هذه السنة وعدم تقديم أيّ مسلسل بالتعاون مع mtv كما كان يحصل في السنوات السابقة، فإن القناة المحلية ستبث على الأرجح «بردانة أنا» الذي سيشكّل فرصة لحضور الممثلة اللبنانية على الشاشة في رمضان. العمل الذي صوّر قبل عام، جاهز للعرض (عدد حلقاته 60) يدور حول المشاكل العائلية والتعنيف الأسري والفقر.
على الضفة نفسها، فتحت تغريدة مروان حداد صاحب شركة «مروى غروب» شهية زملائه على إعادة الحياة إلى الدراما المحلية. فقد لفت حداد في تعليق له إلى أنه «رغم الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد، نصرّ ونؤكّد إصرارنا على أن تجتاز الدراما اللبنانية هذه المحنة بأقل أضرار ممكنة. فلا يمرّ شهر رمضان من دون حضورها على الشاشات اللبنانية». يشير حداد في اتصال مع «الأخبار» إلى أنه في الأسبوعين المقبلين، سيعود لاستئناف تصوير مجموعة من مسلسلاته التي توقفت نهاية العام الماضي. يقول حداد «سأعود إلى تصوير «عشيق أمي» (كتابة رازي وردي، إخراج كنان اسكندراني) الذي يجمع ورد الخال والنجم السوري خالد القيش، ومن المتوقع عرضه في رمضان إذا سارت الأمور على خير. صوّرنا مجموعة حلقات من المسلسل قبل اندلاع الثورة. كذلك سأستكمل تصوير «لا قبلك ولا بعدك» (كتابة كريستين بطرس وإخراج جورج روكز) الذي يضم عباس شاهين وجيسي عبده وغيرهما، وسبق أن انطلقت قناة «الجديد» بعرضه». على الضفة المقابلة، لم يحدد لغاية اليوم مصير الدراما المحلية على otv وnbn بسبب أزمتهما المالية. من جانبه، استأنف المنتج إيلي معلوف تصوير مسلسل «رصيف الغربا» (كتابة طوني شمعون وإخراج إيلي معلوف) بعد توقفه بسبب الأحداث. وتدور أحداث العمل بدءاً من عام 1945 حتى بداية الستينيات وسط قصص حب متشابكة. يشير معلوف لـ«الأخبار» إلى استئناف مسلسل «رصيف الغربا» المتوقع عرضه على lbci إلى جانب «موجة غضب» (كتابة زينة عبد الرازق وإنتاج وإخراج ​إيلي معلوف)​ الذي عرضت «الجديد» ثلاثين حلقة منه، وبقيت ثلاثون أخرى. باختصار، كلّ الإشارات تدلّ على أن الدراما اللبنانية ستكون تحت مجهر النقّاد في رمضان المقبل، لكن كل شيء رهن بالوضع السياسي الذي يؤثر مباشرة على مصير الأعمال الفنية.