الموسيقيون بين الواقعية والحلم

  • 0
  • ض
  • ض

عندما تُخصَّص الدورة لاسم كبير، مثل باخ أو موزار أو بيتهوفن، يسهل خيار الأسماء المرموقة لدعوتها إلى المهرجان، كما هي الحال السنة، إذ تكثر الأسماء المتخصصة في أحد الثلاثة أو بالثلاثة معاً أحياناً. توقعاتنا «غير الواقعية» كانت كبيرة جداً لهذه الدورة. غير أن الأسماء المشاركة، متوسّطة، أو مهمة ومكرّسة، أو نجوم شابة صاعدة، لا أكثر، ناهيكم بالتكرار الذي يطال أكثر من اسم. بعبارة أخرى، لا قنابل من العيار المتوسط أو الثقيل. هذا أمل تلاشى تدريجاً في السنوات الأخيرة، قبل أن ينعدم نهائياً هذا العام. ونقصد، مثلاً، الأمل في أن يشارك في دورة «بيتهوفن» اسمٌ كريكاردو شايي (قائد أوركسترا) أو زميله الإستوني بافو يارفي أو في أن يتحقق الحلم الذي سمعنا أنه كان مطروحاً على طاولة «البستان»، بدعوة الروسي/ اليوناني الرهيب تيودور كورانتسيس على رأس أوركستراه طبعاً (MusicAeterna). إذ يجول العالم حالياً لتقديم بيتهوفن (ويتحضّر لتسجيل سمفونياته). يمكن إضافة عشرات الأسماء إلى هؤلاء، لكن نذكرهم هنا على سبيل المثال والدلالة عن فئة من القادة العالميين. في هذا السياق، الضيف الوحيد هو الفرنسي الشاب جيريمي رورير، وهو خيار مقبول لا شك، لكن الأسماء الثلاثة الآنفة هي من معدنٍ مختلف. معدن الأساطير. المسألة قد تكون مكلفة ومعقّدة لوجستياً بالنسبة إلى قادة الأوركسترا، إذا ما اشترط القائد المشاركة إلى جانب الأوركسترا التي يديرها. لكن الفئة الأسهل لوجستياً والأقل كلفةً هي عازفو البيانو، إذ ولّى زمن الأساطير التي لا تسافر إلا مع آلاتها (مثل الراحلين هوروفيتز، غولد، ميكلنجلي،… أو الأحياء، مثل زيمرمان). يكفي، في هذا الزمن، تأمين «شتاينواي» محترم لكي تكتمل التحضيرات لدعوة شخص واحد مع حقيبته الصغيرة. في هذا المجال، ثمة وفرة في الأسماء الأجنبية المدعوّة هذه السنة، بحكم تركيبة البرنامج وإدراج كونشرتوهات البيانو وغيرها من الأعمال التي يشكل البيانو جزءاً منها. نذكر الإيطالي فيليبو غوريني (21/2) الذي سطع نجمه السنة الماضية بعد تسجيله الممتاز لـ«تنويعات ديابيلّي» (عمل ضخم للبيانو لبيتهوفن) وألحقه هذه السنة بديسك خصصه للسوناتتَين رقم 29 (الأصعب) و32 (الأكثر رؤيوية، إذ نسمع في حركتها الثانية مقطعاً كاملاً من الـBoogie-Woogie، أحد جذور الجاز، قبل نحو نصف قرن من ولادته في مكان بعيد جداً عن النمسا!). بمعنى آخر، اختياره موفّق، لكن عوده لا يزال طرياً. كذلك بالنسبة إلى ألكسندر رومانوفسكي (11/3) وجيوزيبيه غواريرا (19/3) وفيتالي بيسارنكو (الحفلة الختامية)، وإلى حدّ ما، مع نتاج ديسكوغرافي أكبر، الإيطالية فانيسا بينيلّي موزيل (23/2) وزميلتها غلوريا كامبانر (الافتتاح)، علماً أنهما سبق أن شاركتا في «البستان». هذا في حين كنا ننتظر التركي فازيل ساي أو الأميركي جوناثن بيس أو الروسي/ الألماني إيغور ليفيت، والثلاثي أصدر في الأسابيع الأخيرة نسخته من سوناتات بيتهوفن الكاملة (سجلوها على مراحل ونالت ترحيب النقاد في السنوات الأخيرة)، ما يعني أنهم جاهزون تماماً للمشاركة في هذه الدورة، والأهم، سد ثغرة أمسيات البيانو المنفرد. حتى في فئة رباعي الوتريات، لماذا ليس Artemis أو Belcea أو The Lindsay أو Prazak؟ لكن، نعود إلى الظروف الاستثنائية الصعبة، فيصبح كل نقص مبرّراً، وكل الأسماء مقبولة ومرحّباً بها، بل مشكورة على مشاركتها في حدث يقام على رمال متحرّكة، تحكمها رسومٌ مثلها!

0 تعليق

التعليقات