منابر تلو أخرى تقفل تباعاً تحت وطأة الأزمة المالية. طبعاً، ليست الأزمة وليدة اليوم، لكنها ازدادت حدةً مع انطلاق التظاهرات في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، إثر الازمة الاقتصادية وتجميد سوق الإعلانات. لكنّ العارفين بهذا بالملف يؤكّدون على أن 2020 هو عام صعب على الصحافة الورقية لأنها في الأساس هشّة تجري بسرعة نحو انهيارها لأسباب متنوّعة من بينها غياب دعم الدولة والجهات المموّلة، وتراجع سوق الإعلانات والقرّاء أيضاً. ويبدو أن بعض الصحف أكثر تأثراً من غيرها بالوضع المالي، وهذا الأمر يهدد إصداراتها. وبالتالي، تتوجّه إدارة هذه الصحف نحو خطط تهدف إلى التخفيف من أعبائها. من بين تلك الخطط وقف عددها الورقي والاعتماد على الالكتروني فقط. في هذا السياق، هناك ثلاث صحف تخوض حالياً معركة مصيرية، هي: «النهار» و«اللواء» و«الديار». ثلاث مؤسسات تضم مئات الموظفين ما بين موزّعين وصحافيين وتقنيين، معرّضة للإقفال في أي لحظة بسبب معاناتها المالية التي برزت في الأشهر الثمانية الأخيرة. ليس خفيّاً على أحد الأزمة التي تعيشها صحيفة «اللواء» منذ أشهر. ففي الفترة الأولى لاشتعال التظاهرات في لبنان، سرى حديث عن وقف العدد الورقي بسبب تراكم المشكلات وانسداد الأفق. يومها، اجتمع رئيس تحرير الجريدة صلاح سلام بمجموعة من الموظفين، مؤكداً لهم على بقائها ورقياً هذه الفترة، إلا أنّه أضاف بأنّه لا يضمن ماذا ستؤول إليه في المستقبل. علماً أنّ الموظفين يتقاضون حالياً نصف معاش مقسّماً على مرحلتين: الأولى في بداية الشهر، والثانية في نهايته. حتى إنّ نصف المعاش هذا مكسور منذ شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي. الوضع نفسه في «الديار» التي تعاني من عجز ضخم. فصحيفة شارل أيوب، غارقة في مأزق مالي كبير، ما أدى إلى دفع نصف معاش للموظفين. أما مع انطلاق الحراك الشعبي، فقد تمّ حسم نحو 10% من الرواتب. ويلفت مصدر لـ«الأخبار» إلى أنّ المعاشات مكسورة في «الديار» منذ شهر أيلول (سبتمبر) الماضي. ليست «النهار» بعيدة عن الوضع التعيس الذي تعانيه الصحافة المكتوبة، فالجريدة التي تديرها نايلة تويني مرّت في مطبّات مصيرية على مدار السنوات الخمس الأخيرة. أمر دفعها إلى الاستغناء عن عدد من الموظفين وتصفية حسابات الذين وصلوا إلى سنّ التقاعد. كذلك تم تقليص العدد الورقي للصحيفة إلى 12 صفحة فقط. خلال هذه الفترة، بقي الموظفون من دون رواتب قرابة عام كامل، ولم يتقاضوه لغاية اليوم. أما بالنسبة إلى المعاشات الشهرية هذه الفترة، فإنّ الوضع في «النهار» ازداد تأزّماً مع اندلاع الحراك. مع تسديد الإدارة ربع معاش لموظفيها، تداخلت المعاشات المكسورة بشكل كبير، إلى درجة أن الموظف لم يعد يعرف «ما له وما عليه».
يتقاضى موظفو هذه المؤسسات نصف معاش وأحياناً ربعه

في المقابل، وضعت تويني خطة لإنقاذ فريق عملها من الأزمة المالية، لكنها لم تقرّر بعد المساس بالعدد الورقي، إذ تحاول حلحلة الوضع عبر خطط أخرى ستعلن عنها قريباً، لكن لا أحد يضمن بقاء العدد الورقي. مع العلم أن الأخير يُدخل بعض الدعم المالي للجريدة، وتحديداً من خلال الملاحق الاقتصادية والاجتماعية الدورية التي تنشرها. إذاً، ثلاث صحف تقف على مفترق طرق قد تكون الفترة المقبلة هي مرحلة الحسم بالنسبة إليها. فهل يشهد عام 2020 إغلاق الصحف كما شهدت الأعوام السابقة من إغلاق «السفير» و«الأنوار» وكذلك «الحياة»؟