لم تَعُد خطابات النواب تعني اللبنانيين. لم تعُد «هواجس» ممثلي الشعب التي يعبّرون عنها أثناء كلمتهم في الجلسات العامة لمجلس النواب، تلامس الجمهور. هذه المرة تحديداً، وأثناء مناقشة البيان الوزاري أمس، أصبح هامش الخبر هو الخبر. انفضت وسائل التواصل الاجتماعي، ومعها وسائل الإعلام، إلى تغطية «ما لا يُغطّى» في سبيل إبعاد الرتابة عن مضمون الجلسات المتكرر و«غير الموثوق».
بينما انشغل النواب في «الغناء السياسي» كلٌّ على ليلاه أمس، انشغلت وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام بتغطية «هامش الخبر». غابت كلمات النواب بأغلبها، عن الواجهة، بينما احتلّت أخبار رديفة الواجهة.
تصدرت الحدث الافتراضي الصورة التي أظهرها النقل المباشر من المجلس لوزير البيئة محمد المشنوق وهو يقوم بالتقاط صور للنواب بهاتفه الخليوي خلال الجلسة. وتداول الناشطون معلومات عن «ولع الوزير المشنوق بهواية التصوير»، مطالبين إياه بصورة «selfie» على سبيل النكتة. فيما قال آخرون «نحن ندفع رواتبهم وهم يتسلون ويلهون والناس يموتون ... في أحلى من لبنان!».
كذلك، جرى تداول صور للنائب أحمد كرامي خلال جلسة مجلس النواب منشغلاً بهاتفه، وأخرى لوزيرة المهجرين أليس شبطيني تحني رأسها لتشاهد شيئاً ما على هاتفها. في الإطار نفسه، تناقل الناشطون صورة نشرتها lbci عن حمامةٍ ميتة قيل إنّ «إحدى السيارات التابعة لموكب نيابي دهستها في ساحة النجمة، قبيل انعقاد جلسة مجلس النواب»، معلّقين: «يبدو أنّ النواب على عجلة من أمرهم من أجل منح الثقة للحكومة العتيدة».
أما محيط المجلس، فكان بالنسبة إلى المراقبين «منجماً» للأخبار الصغيرة. انتشرت صور كثيرة تلقي الضوء على الإجراءات الأمنية المشددة في محيط ساحة النجمة، التي أدت إلى زحمة سير خانقة في الشوارع والطرقات المؤدية إليه، فعلّق البعض «كيف ما اشتغلوا بيعطلوا مصالحنا». وكان لرئيس الحكومة تمام سلام حصة في «الهامش الساخر»، فقد انتشرت صورة له وهو سارح ينظر إلى الأعلى، وكان التعليق عليها بلسان سلام: «يا رب يعطوني الثقة». على صعيد الأخطاء اللغوية، أجمع الناشطون أيضاً على الأخطاء الفادحة التي يرتكبها النواب خلال كلماتهم، تحديداً البيان الوزاري.
سمّى بعضهم تلك الأخطاء «مجزرة لغوية» يرتكبها النواب. ولم يسلم الصوت وهندسته أثناء البثّ من المجلس الذي كان تحت تأثير عطل ما، من تعليقات المتابعين وسخريتهم أيضاً. أما في المضمون، فما كان للناس إلا الاستهزاء بالجلسة، معتبرين أنّها «مضيعة للوقت» لا أكثر، مبدين عدم ثقتهم بما يناقشه النواب. شاحت أنظارهم نحو «الصغائر» كأنّهم يقولون: «كبائر» المجلس لم تعد تفيدنا.

يمكنم متابعة فاطمة شقير عبر تويتر | @fatima_shoukeir