القاهرة | تويتر مفصول عن الواقع، عبارة يقولها دوماً مَن يقلّلون من أهمية مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، رغم أنها كانت «ماسورة المدفع» التي خرجت منها الطلقات الأولى لـ«ثورة يناير». يقول هؤلاء إنّ الناس في الشارع معزولون عمّا يجري على فايسبوك وتويتر. ربما يكون هذا صحيحاً في ما يخص الدعوات للتظاهر أو الحراك الجماعي طالما أن الجمهور المستهدف لم يقتنع بها ولو تكلم عنها كل روّاد مواقع التواصل الاجتماعي في المحروسة. لكن خلال اليومين الأخيرين، بات جلياً مدى قوة الفايسبوك وتويتر في تشكيل رأي عام مناهض أو مؤيّد لمواقف سياسية أو لشخصية تؤثر في الفضاء العام. إذ تعرّض ثلاثة إعلاميّين في توقيت واحد لحملات هجوم عنيفة دفعتهم جميعاً إلى التراجع بشكل أو بآخر. البداية كانت مع الإعلامي تامر أمين الذي أدان الفتاة ضحية التحرش في «جامعة القاهرة» (الأخبار 18/3/2014) عبر قناة «روتانا مصرية». ورغم أنّ أمين ليس من الإعلاميين أصحاب نسب المشاهدة المرتفعة، إلا أنّ المقطع الذي هاجم فيه ملابس الفتاة بألفاظ حادة كان الأكثر انتشاراً عبر مواقع التواصل صباح الثلاثاء.
طوال اليوم، تداول الناشطون هاشتاغات مثل «تامر أمين متحرش» و«قاطعوا روتانا مصرية». وكما هي الحال في مصر منذ «ثورة يناير»، فكل سقطة جديدة تجبر الجمهور على استعادة سقطات الإعلامي القديمة، وأمين اشتهر بانتمائه إلى نظام مبارك وهجومه على الشباب في ميدان التحرير قبل انهيار النظام في شباط (فبراير)2011. بعد هذه الحملة الافتراضية العنيفة، اضطرت «روتانا مصرية» لإصدار بيان توضيحي، وخرج تامر أمين مساء الثلاثاء ليعلن أنّ كلامه فُهم خطأ، وأنّ هدفه كان التأكيد أنّ لكل مقام مقالاً. انتهت المعركة سريعاً بانتصار الناس وهزيمة النجم.
وفي مسار مختلف وربما للمرة الأولى في مشواره المهني المشهور دوماً بالحيادية والاستقلالية، قال شريف عامر مقدم برنامج «يحدث في مصر» على قناة «إم. بي. سي. مصر» عبر تويتر إنّ أسماء بحجم لاري كينغ والإذاعي المصري طاهر أبو زيد، والبريطاني بيرس مورغان، أجرت حوارات تشبه تلك التي أجراها هو مع الراقصة صوفينار، بعد إخلاء سبيلها في النزاع القضائي بينها وبين «فندق النبيلة» (الأخبار 15/3/2014). وأشار إلى أنّ «التوقيت والمحتوى حقان مباشران لحكم فريق عمل، ثم يكسب الحوار قبولاً أو يلقى رفضاً كجزء أصيل من ضريبة ممارسة العمل واتخاذ القرار». إلا أنّ المعترضين اعتبروا أنّه من غير المقبول «ظهور الراقصة في برنامج يوصف بالرصين وفي توقيت حسّاس، حيث شهداء الجيش والشرطة ما زالوا يتساقطون يوماً تلو آخر». وجهة نظر الجمهور وصلت بقوة إلى عامر الذي أنهى تغريداته بعبارة ملفتة، حيث قال «كده الموضوع بالنسبة لي اتقفل. تقديري للجميع، ممكن استخدم تويتر عادي بقى؟ شكراً».
إذاً تويتر الذي يدعم النجوم في كل المجالات، قد يكون أيضاً رقيباً عليهم. وفي التوقيت نفسه لكتابة شريف عامر تغريداته حول اللقاء مع صوفينار، انطلقت حملة هي الأعنف على تويتر ضد الإعلامي الشهير باسم يوسف. أصبح هاشتاغ «باسم طلع حرامي» هو الأكثر شيوعاً خلال دقائق معدودة.
بدأت القصة من مقال باسم الأسبوعي في جريدة «الشروق» الذي حمل عنوان «لماذا لا يهتم بوتين» (عدد 18/3/2014) قبل أن يكتشف بعضهم أنّ المقال مأخوذ حرفياً تقريباً من مقال الصحافي بن جودا (موقع Politico). وعلى الفور، انطلقت حملة حاصرت «زلة» باسم يوسف. وأسهمت ردة فعل الإعلامي المصري المرتبكة في زيادة الهجوم عليه حتى من بعض محبيه. في البداية، أضافت الجريدة المصدر عبر موقعها الإلكتروني. وقال باسم إنّ المصدر موجود بالفعل، قبل أن يحاصره الغاضبون والشامتون معاً بأن العدد المطبوع يخلو من المصدر. بالتالي، فواقعة السرقة متعمدة. وبعد منتصف ليل الأربعاء، اضطر باسم يوسف لنشر توضيح واعتذار عبر صفحته على تويتر وعلى بوابة «الشروق». وأشار إلى أنّه يتحمّل الخطأ الذي نتج مما وصفه بضغوط العمل. محبّوه قبلوا الاعتذار واعتبروه تصرفاً إيجابياً، لكنّ معارضي باسم يوسف وهم كُثر تساءلوا عن سبب نقله المقال من الأساس.
وأكّدوا أنه لولا اكتشاف الواقعة على تويتر، لمرّت السرقة من دون أن يلحظها أحد. في النهاية وأياً كان تأثير ما جرى على شعبية الإعلاميين الثلاثة، وقدرة كل منهم خصوصاً باسم يوسف على تفادي تكرار الخطأ مجدداً، يبقى أنّ تأثير تويتر ومواقع التواصل الاجتماعي الكبير، يؤكد أنّ شيئاً ما تغيرّ فعلاً بين المصريين. هذه الأزمات كان لتمر مرور الكرام قبل ذلك، ولكان النجوم ــ إعلاميين كانوا أم سياسيّين ــ تجاهلوها لولا وجود ملايين المصريين «أونلاين» طوال الوقت.

يمكنكم متابعة محمد عبدالرحمن عبر تويتر | @MhmdAbdelRahman