لطالما كان لعمليات السرقة حصّة وافرة في السينما. أفلام مرّت مرور الكرام، بينما تركت أخرى بصمة لدى النقّاد والجمهور المحب للأعمال التي تمزج بين الأكشن والتشويق وترفع مستوى الأدرينالين لا سيّما حين ينجح «الخارجون عن القانون» في الإفلات من العقاب وتضليل السلطات. هذا ما حدث مثلاً مع Dog Day Afternoon (إخراج سيدني لوميت ــ 1975)، Reservoir Dogs (إخراج كوينتن تارانتينو ــ 1992)، Heat (إخراج مايكل مان ــ 1995)، Ocean’s Eleven (إخراج ستيفن سودربيرغ ــ 2001/ بالإضافة إلى الجزءين التاليين في 2004 و2007) وغيرها من الأشرطة. الواقع نفسه ينسحب على الدراما التلفزيونية، ولعلّ أبرز دليل على شعبية هذا النوع من الأعمال على الشاشة الصغيرة تمثّل، في السنوات القليلة الماضية، في «حمّى» السلسلة الإسبانية «لا كاسا دي بابيل» التي استحوذت عليها منصة «نتفليكس» وأدرجتها ضمن إنتاجاتها الأصلية مُطلقةً عليها اسم Money Heist.من رحم هذه التجربة التي صدر جزؤها الرابع في الثالث من نيسان (أبريل) الماضي، وُلد مسلسل مصري يشارك حالياً في سباق رمضان 2020. «بـ 100 وش» (قصة وسيناريو وحوار أحمد وائل وعمرو الدالي، إخراج كاملة أبو ذكري) هو العمل الذي عادت من خلاله الممثلة نيللي كريم بعدما غابت عن المنافسة في شهر الصوم العام الماضي. العودة هذه المرّة جاءت من خلال تجربة كوميدية تتشاركها نيللي مع النجم آسر ياسين (يطلّ في مسلسل «الاختيار» للمخرج بيتر ميمي/ بطولة أمير كرارة) ومجموعة من الممثلين المصريين المعروفين والشباب، لتكسر بذلك الصورة التي لازمتها في السنوات الماضية والمرتبطة بالمسلسلات الاجتماعية التي تغوص في مواضيع مستقاة من صلب واقعنا، والتي مسّت بواسطتها كريم المشاهدين بكل حرفية وأمانة في الأداء. هذا ما حصل تحديداً في مسلسلَيْ «بنت اسمها ذات» (2013 ــ مأخوذ عن رائعة صنع الله إبراهيم/ سيناريو وحوار مريم نعوم، إخراج كاملة أبو ذكري)، و«سجن النسا» (2014 ــ مأخوذ عن رواية فتحية العسال/ سيناريو وحوار لمريم نعوم وهالة الزغندي، وإخراج كاملة أبو ذكري). عبر هذين الدورَيْن، أثبتت نيللي كريم أنّها موهبة حقيقية نضجت مع الوقت وصقلها الاجتهاد والإصرار، وهو ما يبدو جلياً لدى استعراض تطوّر أدواتها وأدائها منذ البداية في سنة 2000 بشخصية «سماح» في مسلسل «وجه القمر» (تأليف ماجدة خير الله، إخراج عادل الأعصر) مع الكبيرَيْن الراحلَيْن أحمد رمزي وفاتن حمامة.
في «بـ 100 وش»، تلبس نيللي ثوباً جديداً لتشكّل مع آسر ياسين ثنائياً كوميدياً مميّزاً ومتناغماً، تربطه كيمياء قوّية. هذا الـ«كوبل»، يُضحك المتلقي بعفوية ومن دون تكلّف، فيحظى بإعجابه ويشغل روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً في لحظات الحبّ التي شاهدناها في الحلقات القليلة الماضية، وأبرزها الثواني المعدودة التي انتهت بها الحلقة الثامنة عشرة حين اعترف «عمر حسين الجزّار» ابن «الذوات»، ومن دون مقدّمات، بحبّه لـ«سكّر» الآتية من حارة شعبية في حي بولاق القاهري. لحظات خطفت فيها كاملة أبو ذكري تعابير نيللي كريم الصادقة الخالية من المبالغة ونظرات آسر ياسين الحالمة. هكذا، تحوّل هذا المشهد القصير إلى فيديوات ساخرة و«ميمز» على السوشال ميديا، فيما احتل وسما #آسر_ياسين و#ب100_وش قائمة الترندات على تويتر في مصر. «سكّر» نصّابة محترفة وذكية، جار عليها الزمن لتجد نفسها مسؤولة عن أمّها وأختها الصغرى، تقع في شباك المُحتال «عمر» الذي تخلّى والده عنه وعن أمّه وحرمهما من «العزّ» الذي كانا ينعمان به. تدخل البطلة في صراعات مع الشاب الأسمر لإعادة أموالها. غير أنّ النصّابَيْن سرعان ما يؤلّفان عصابة تنفّذ عمليات كبيرة ومدروسة، وسط أجواء كوميدية بامتياز تستند إلى نصّ رشيق مشغول بمزاج وكاميرا أبو ذكري المحترفة التي تعرفها نيللي جيّداً. نجاح هذا الثنائي يعزّزه أفراد العصابة الذين يقدّمون جميعاً أداءً متمكّناً، وهم: مصطفى درويش (كابتن فتحي)، إسلام إبراهيم (حمادة)، شريف دسوقي (سباعي الشهير بسبعبع)، علا رشدي (ماغي)، دنيا ماهر (نجلاء)، محمد عبد العظيم (سامح)، زينب غريب (رضوى) وحسن أبو الروس (زيزو).
نقلت مواقع إخبارية مصرية عدّة عن كاتبَيْ العمل أنّ عمليات النصب والاحتيال التي تقوم بها هذه المجموعة تستند إلى قصص جنائية حقيقية سُجّلت في البلاد، فيما يُحسب لـ«بـ 100 وش» تسليطه الضوء على جزء يسير من هموم الشباب وأحلامهم وهواجسهم لكن بفطنة وخفّة ظل. وفي الوقت الذي يلقى فيه تتر المسلسل «مليونير» شعبية واسعة (تأليف «شيندي» و«كنكا»، ألحان «المدفعجية»، توزيع «ديزل»)، تعرّض القائمون على العمل لانتقادات بسبب نسخ بعض الصور الرسمية لأبطاله عن أفكار سبق أن نفّذها أعضاء فرقة البوب الكورية الجنوبية الشهيرة BTS.