الأسبوع الماضي، كان اللبنانيون على موعد مع قرار جريء من نوعه. أقرّت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت بحق شخص في تبديل جنسه في سجلات النفوس مراعاة لوضعه النفسي والجنسي والاجتماعي. هذا القرار من شأنه تخليص أفراد كثر من معاناة طويلة، خصوصاً في الشق المتعلق بالأوراق الثبوتية الرسمية الخاصة بهم. هذا القرار السابقة جاء بعد إطلاق فيلم رسوم متحركة تثقيفي بعنوان "ما بهمّ شو السبب... المثلية منّا مرض» أعدّته «الجمعية الطبية اللبنانية للصحة الجنسية» (Lebmash) وتحديداً جيسكا عازار بدعم من السفارة السويسرية. شريط قصير (3:42) أُطلق على يوتيوب، يهدف الى تثقيف الرأي العام ومحاولة تصحيح أفكاره عن تصنيفات المثلية الجنسية التي يجب أن تندرج ضمن خانة الحالات الاجتماعية غير المرضية. في هذا الخصوص، تظهر نتائج دراسة حديثة أجراها "مركز الموارد الجندرية والجنسانية» بأن 72 % من اللبنانيين/ ات يعتقدون بأن المثلية الجنسية هي «حالة اضطراب نفسي».
شريط توعوي أعدّته جيسكا عازار

شريط التحريك، المشغول بالأسود والأبيض، اتكأ على شهادات لمثليين ومثليات من لبنان، دونوا تجاربهم الشخصية. يسلّط العمل الضوء على شخصية رامي المثلي الجنس، وكيفية تعاطي والديه معه وكيف يحمّلان نفسيهما المسؤولية عن ميول ابنهما الجنسية. تارة، يتهم الأب زوجته بتدليع الابن كثيراً، وطوراً تتهم هي زوجها بغيابه عن البيت، ما أدى إلى نتيجة واحدة: الابن صار مثلياً! ثم يسألان ابنهما بنبرة الذنب: "شو غلّطنا معك». ولعلّ النقطة اللافتة في هذا الفيلم القصير، تسليط الضوء على فعل شائع اجتماعياً وطبياً، الا وهو محاولة إقناع المثليين جنسياً بتغيير ميلهم الجنسي. وهذا ما يتعارض مع الأعراف الطبية النفسية العالمية، وتوصيات الجمعيات الطبية النفسية في لبنان، كما يورد مؤسس الجمعية حسن عبد الصمد على مدونته الشخصية. علماً أن هذه النقطة أثيرت بشكل واضح في الشريط لا سيما لدى زيارة رامي وأهله المعالجة النفسية وتشديدها على أن تغيير الميول غير ممكن، في وقت ما زال اختصاصيون في الصحة الجنسية في لبنان، يمارسون علاجات تغيير الميول بخلاف توصيات المنظمات الصحية الجنسية العالمية واللبنانية.
عدا السرد الدرامي، والشروحات التي يقدمها الشريط التثقيفي ونقضه كل الأفكار الشائعة في المجتمع عن المثلية و"أسبابها" بطريقة بسيطة وقريبة من الناس، والجودة في التقديم والتنفيذ، يشدد على خطوات هامة اتخذتها المنظمات والجمعيات المعنية. في عام 2013 أعلنت كل من «الجمعية اللبنانية لعلم النفس»، و"جمعية الطب النفسي اللبنانية» أن «المثلية ليست مرضاً» ولا تستدعي علاجاً بالضرورة. وقبلهما حذفت «منظمة الصحة العالمية» (1992) من لائحة الأمراض النفسية عبارة «المثلية».