قبل أشهر، أطلقت ياسمين حمدان ألبومها المنفرد الأول «يا ناس» (Crammed Discs). هذا العمل الذي تعاونت على إنجازه مع المؤلف والمنتج الموسيقي الفرنسي مارك كولان، تستعيد فيه عدداً من الاغنيات القديمة ضمن أسلوب يمزج بين الالكترو والبوب.ما زالت حمدان مطّلعة على تطور الموسيقى المستقلة في لبنان رغم إقامتها في باريس. تقول لـ«الأخبار»: «جميل أن تكون هناك فرق وشباب أكثر يعملون في هذا المجال. باتت هناك ثقافة تشجع على حضور الحفلات الموسيقية. ذلك لم يكن موجوداً عندما بدأنا في فرقة «سوب كيلز». مع ذلك، من الصعب التميّز اليوم بسبب كثرة تداول الموسيقى والفرق على الانترنت».

تعبت الفنانة الشابة من انتظار تطورّ مسيرتها في بيروت. هذا الأمر دفعها الى الانتقال للعيش في باريس قبل سنوات. تشرح: «رغم الحماسة والتشجيع، كنت متعبة لأنّه كانت تنقصني الوسائل لتطوير نفسي في إطار طبيعي. باريس سهلة بالنسبة إليّ، لأنها كانت أشبه بمدينة ثانية، خصوصاً أنّني أكملت دراستي هناك. هكذا غادرت بيروت. كنت قلقة من الوضع، حتى قبل بدء المشاكل. شعرت بحاجة لأكون في مكان أكثر استقراراً، كما كنت بحاجة الى أن أرى نفسي في المستقبل. كنت متحمسة للقاء أشخاص وفنانين في إطار يساعدني على تطوير نفسي بحرية». قبل الانتهاء من مرحلة «سوب كيلز»، تلمَّست حمدان اهتماماً كبيراً في باريس بالفرقة التي أسستها في نهاية التسعينيات مع زيد حمدان. تتذكر: «وقّعنا عقداً مع شركة إنتاج في باريس. وكان الأمر معقداً لنا. كنت في باريس، وهو (زيد) في بيروت، ولم تكن الأمور تجري بسهولة. في عام 2005، قررنا أنه لم يعد ممكناً أن نستمر هكذا. ورغبت في إنجاز مشروع «إلكترو». لم أكن أعرف الكثير من الناس، لذا بدأت أبني العلاقات. وجعلت المنتج والشاعر الغنائي ميرويس يصغي الى بعض التجارب التي أنجزتها، فتحمس لها. واتفقنا على إنجاز مشروع إلكترو بوب عربي، واستغرق الأمر 3 سنوات. في تلك الاثناء، وقع العدوان الاسرائيلي عام 2006، وأمور شخصية أخرى حصلت في حياتي. عندما أصدرنا العمل، ميرويس وأنا عام 2009، كنا متعبين، روّجنا له وتوقّفت. وفي عام 2010، بدأت أعمل على مشروعي الخاص وأتعاون مع مارك كولان. شعرت بالراحة معه وتمكنت من إنجاز ألبوم «يا ناس» الذي أعتبره طفلي. عملت عليه بدقة، وهو ما كنت أرغب فيه تحديداً، إنّه «فولك» عربي. فيه شيء من الحميمية والهشاشة».

«إن كان فؤادي» أصبحت مختلفة تماماً عن النسخة الأصلية على مستوى الإيقاع والموسيقى


يتضمّن ألبوم «يا ناس» حوالى 13 أغنية، أبرزها Deny و«حال» و«شوي» و«إنت فين Again» و«إن كان فؤادي»... إذ تستعيد حمدان عدداً من الأغنيات اللبنانية القديمة، على غرار «بيروت» لعمر الزعني. تقول: «تعلمت الغناء بالاستماع الى الموسيقى القديمة. كنت مغرمة بالتسجيلات القديمة. كلما وقعت على أغنية تعجبني وأمكنني غناؤها، شعرت أنني امتلكتها كأنها كُتبت لي». هذا يعني أنّ حمدان لا تكتفي بأداء الاغنية كما هي: ««إن كان فؤادي» لليلى مراد أصبحت مختلفة تماماً عن النسخة الاصلية، على مستوى الايقاع والموسيقى وحتى البنية. الامر لا يتعلّق بالغناء على طريقة الـ«كاراوكي». ولا يمكنني أبداً أن أعيد غناء ما أُنجز سابقاً. هذا لا يهمني. إيقاع أغنية عمر الزعني مثلاً، أسرع في الأصل من نسختي أنا. في الواقع، أنا أحترم هؤلاء الفنانين وأغنياتهم، لكن أعطي لنفسي الحرية في إعادة تأديتها على طريقتي».
تصرّ حمدان على الغناء بالعربية، «عندما بدأت أسمع الموسيقى العربية، قررت الغناء بهذه اللغة فقط. يساعدني ذلك على إيجاد أجوبة على مسألة الهوية. نحن جيل تأثر كثيراً بالحرب، وفقدت بعضاً من روابطي بثقافتي. لذا كان الغناء بالعربية مهماً، وأعطاني نوعاً من ضمانة حول المكان الذي أتيت منه. لم يكن الغناء بالعربية رائجاً أو «كول» عندما بدأنا. كانت اللغة الانكليزية مفضّلة. تلقيت عرضاً من شركة إنتاج كبيرة للغناء بالفرنسية والانكليزية، لكني رفضت. كان عليّ أن أغني بالعربية. في هذه الموسيقى والألحان مصدر إلهام، ومادة خام قابلة للتطوير. الغناء بالعربية بطريقة مختلفة، كان أشبه بكسر التابوه والخروج من القيود التي كانت تحكم هذه الموسيقى. أجد اللغة معاصرة جداً والموسيقى العربية هي خليط أيضاً، كما في موسيقى عبد الوهاب الذي مزج أنواعاً كثيرة من الموسيقى والآلات والأصوات من مختلف البلدان والثقافات. لست ضدّ الغناء بالأجنبية إن كانت الاغنية جيدة، ولكن الآن لن أفعل ذلك، لأنني وفية لقيمي».
تستعد حمدان حالياً لجولة في الولايات المتحدة ومصر في نيسان (أبريل)، ثم لندن في حزيران (يونيو)، وتتمنى أن تكون مدعوة قريباً لتقديم الحفلات في لبنان.



ساحرة جيم جارموش

في آخر أفلام جيم جارموش «وحدهم العشاق بقوا أحياء»، يخصص المخرج الاميركي مشهداً لحمدان تؤدي فيه أغنية «حال» التي ألّفتها من أجل الفيلم. تقول حمدان: «التقيت بجارموش في «مهرجان السينما» في مراكش. كنت أغنّي في حفلة مرتجلة. أدّيت 4 أغنيات برفقة البيانو، وكان جارموش حاضراً. فجاء إليّ بعدئذٍ، وقال لي إنه يرغب في أن يكتب لي مشهداً في فيلمه. وبعد مرور سنوات، اتصلت بي شركة الانتاج، وعملت على أغنية خاصة للفيلم بعدما قرأت السيناريو، وصوّرنا في طنجة. ولجأت من أجل الاغنية الى عازف إيقاع مغربي، والى مارك قدسي على الغيتار».