القاهرة | لماذا الآن؟ السؤال طرحه أستاذ الرأي العام في «جامعة القاهرة» صفوت العالم في حوار مباشر مع ليليان داوود مقدمة برنامج «الصورة الكاملة» على قناة «أون. تي. في». كان العالِم مشغولاً بسبب هذا الحماس المفاجئ الذي انتاب وزارة الإعلام المصرية لإطلاق ميثاق شرف إعلامي بعد ساعات فقط على إعلان عبد الفتاح السيسي ترشحه للرئاسة المصرية.
سأل العالم: «لماذا لم تتحمس الوزارة لهذا الأمر طوال تسعة أشهر شهدت خلالها وسائل الإعلام فوضى لا حصر لها منذ سقوط نظام الرئيس مرسي؟». الواقع أنّ الاعلام المصري يعاني طوال عمره من غياب ميثاق شرف، وازداد الإحساس بأهمية وجوده عقب «ثورة يناير»، واستخدام الشاشات في مصر لتوجيه الرأي العام إلى الزاويا التي يرغب بها أصحاب وسائل الإعلام.

وضعت الحكومة الميثاق من دون استشارة أهل المهنة ولا المجتمع المدني


إذاً، الحاجة إلى ميثاق شرف إعلامي ضرورة ملحة. لكن تحقيقها هكذا من دون مقدمات وبمبادرة من وزيرة الإعلام درية شرف الدين لا من المجتمع المدني والوسط الإعلامي أدّى إلى سؤال: لماذا الآن؟ وهل هدفه الفعلي هو السيطرة على القنوات المصرية خلال الأسابيع التي تشهد الحملات الانتخابية للمرشحين؟ رغم يقين مؤيدي السيسي بحسمه الأمور منذ الجولة الأولى وغياب الدعم الإعلامي للمرشح الأبرز حمدين صباحي، إلا أنّ هذا لا يعني السيطرة على كل ما سيُقدَّم في الأيام المقبلة. لا يعود ذلك إلى أنّ هناك إعلاميين معارضين للسيسي، بل لأنّ هناك من حشدوا من أجل ترشّح المشير ثم شعروا لاحقاً أنهم لم يحصلوا على ما يوازي المجهود المبذول. يدلّ على ذلك انتقادات تكشف أنّ حملة السيسي الانتخابية تتألّف من أعضاء حملة عمرو موسى الانتخابية في صيف 2012، وقد حصل بسببها على المركز الخامس في أول سباق رئاسي حقيقي في تاريخ مصر.
من جهتها، ردّت وزيرة الإعلام على الانتقادات الموجّهة للميثاق بالتأكيد على أنه ليس حكومياً، لكنه سيكون ملزماً، فيما غاب الإعلاميون عن تقديم أي نصّ يمكن طرحه للنقاش. وهنا مغالطة أخرى يقع فيها المسؤولون في مصر. عقب «ثورة يناير»، انطلقت نقاشات كثيرة في هذا الخصوص ووضعت كل الاقتراحات في الأدراج. كذلك وبعد إقرار «دستور 2014»، كان يُفترض تأسيس مجلسين لإدارة شؤون الصحافة والإعلام في مصر وإلغاء وزارة الإعلام. لكن ما جرى أنّ الوزارة استمرت حتى تتمكن ربما من فرض هذا الميثاق الذي ضم 8 مبادئ و10 حقوق و25 واجباً، كلها لم تصل بعد إلى أهل الشأن للنقاش فيها. ما سبق يفسّر طلب الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز بسحب المشروع، واصفاً إياه بالمخالف للدستور، وهو الوصف الذي اختاره نقيب الصحافيين ضياء رشوان لأنّ خلاصته توصي بتشكيل لجنة مصغرة من شخصيات تختارها الحكومة لتقييم الأداء الإعلامي!
الجدل سيستمر. وفي حال إقرار الميثاق رغماً عن الإعلاميين، فهل ستتحمل الحكومة اتهامات متوقعة بأن أي عقوبة ستفرض على قناة أو صحيفة سببها الحقيقي معارضة المرشح الأوفر حظاً عبد الفتاح السيسي؟


يمكنكم متابعة محمد عبدالرحمن عبر تويتر | @MhmdAbdelRahman