الراهب العجوز لوك، يشرح لامرأة شابة مسلمة، بثقة: ممَّ يتكوّن الحب؟ وكيف أنّه يأتي في لحظة، كنعمة خالصة. بهذا المشهد القصير من فيلم «عن الآلهة والرجال» (2010) لكزافبيه بوفوا، حقّق مايكل لونسدايل (24 أيار/ مايو 1931 – 21 أيلول/ سبتمبر 2020) المستحيل في دوره الكبير الذي أكسبه جائزة «سيزار». في هذا المشهد الذي لا يُنسى، كان لونسدايل صادقاً جداً، لم يكن يمثّل. في بضع جمل، ومن خلال معجزة من التعبيرات والتنغيمات، شرح معنى الحياة والحب بكل صدق. هو الذي لم يتزوج يوماً، وبقي مخلصاً طوال حياته وعلى مسافة من امرأة عشقها. في مذكّراته «قاموس حياتي» (2016)، ذكر لونسدايل أنه ذهب إلى باريس لدراسة الرسم، ولكنه تحول إلى التمثيل «للتغلب على خجلي». تلقّى دروساً في التمثيل، وكان من بين زملائه دلفين سيريغ. وقع في حبها «كانت هي أو لا شيء، ولهذا السبب أنا في سنّ الـ 85 ما زلت غير متزوج». بعد سنوات، شاركها فيلم «أغنية الهند» (1975)، لعب دور نائب القنصل الفرنسي في لاهور في ثلاثينيات القون الماضي، وهي كانت زوجة السفير الفرنسي في الهند. في الفيلم فشل في محاولته لبدء علاقة معها. «إنه دوري المفضل» ردّد دائماً.مايكل لونسدايل كان الرجل الوحيد في السينما الفرنسية. رجل على الهامش، حزين في بعض الأحيان، خبيث في أحيان أخرى. في «قبلات مسروقة» (1968) لفرنسوا تروفو، يعيّن صاحب محل الأحذية تابارد (لونسدايل)، تحرياً خاصاً لمعرفة سبب عدم إعجاب موظفيه به. أصبح معروفاً عالمياً بأنه أكثر الأشرار انفرادياً، حين رأيناه بشخصية هوغو دراكس، الملياردير المجنون الذي يشرح لجيمس بوند (روجر مور في فيلم «مونرايكر»/ 1979)، بتعبير وجه غير متأثر وذراعين خلف ظهره، كيف يريد القضاء على سكان العالم بالغاز.
ظلّ لونسدايل شخصية غامضة على الرغم من ظهوره العام. لم يشعر أبداً براحة تامة في البيئة المغلقة للممثلين. «أشعر أحياناً بالغرابة... لدرجة الشعور بعدم الارتياح الشديد». ولد في 24 أيار (مايو) 1931. درس الفن، مثّل وقدّم الكثير من العروض المسرحية، رسم وأصدر كتباً، كثير منها عن مواضيع دينية. كان شديد التدين. عملاق سينمائي ومسرحي غامض، عمل مع بعض المخرجين الأكثر شهرة على مدار ستة عقود (تروفو، غودار، اوستاش، ريفيت، لوي مال، بونويل، ويلز، جان بيار موكي، جان جاك أنود، مارغريت دوراس، جون فرانكنهايمر، كزافييه بوفوا وستيفن سبيلبيرغ). رجل استهلكه فنه، عمل في أكثر من 100 فيلم والعديد من المسرحيات. طويل القامة، مقوّس، مثبت بقوة في الأرض، صوته مرن قادر على الهمس والصراخ المفاجئ، انتقل من دور إلى آخر بسهولة ومصداقية. أدواره ثانوية ولكنها غالباً ما تسرق العرض من الأبطال الرئيسين، بهيبته وصورته وقدرته على تجسيد الخنوع اللطيف والازدراء الملكي.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا