لن تبقى صرخات النساء المعنّفات أسيرة جدران المنازل. هذه المرة، قرّرت الدراما اللبنانية الانخراط في مجتمعها ونقل همومه في مرات نادراً ما تتكرّر. قرّرت قناة mtv أخيراً تبني مسلسل تعود فكرته إلى الكاتب والممثل طارق سويد الذي أراد تحويل المعاناة الى الشاشة. كيف ولدت فكرة المسلسل؟ ولماذا؟ يؤكد سويد أنّ انخراطه كمتطوّع في جمعية «كفى»، ومواكبته اعتصام «للرجال فقط» الذي دعت اليه الجمعية أمام مجلس النواب للضغط باتجاه تشريع قانون حماية النساء من العنف الأسري، عوامل حفّزته على «استغلال مكانته ككاتب ليخدم القضية بشكل فعّال». نقل سويد رغبته الى «كفى»، فرحّبَت بها رغم أنّ هناك حالات تعنيف لم تصل إلى الجمعية، خصوصاً أنّ كثيراً من النساء ــ كما يقول سويد ــ يخشين فضح أزواجهن ومعاقبتهم، ففضلن الصمت. وهذا بنظره ما يزيد حالات التعنيف ويرسّخها.
سانده في القضية مروان حداد صاحب شركة «مروى غروب» كمنتج للمسلسل، علماً أنّ حداد كان قد اتفق مع سويد على كتابة عمل آخر. وبدءاً من منتصف نيسان (أبريل)، ستبدأ شاشة المرّ بعرض مسلسل «كفى» مع عناوين فرعية ستواكب كل قصة. حلقات العمل مفتوحة وقّعها إخراجياً السوري سيزار خليل، وتنقسم الى قصص عدة. القصة الاولى تقع في خمس حلقات تجسد بطولتها ريتا حايك في دور امرأة من عائلة مسيحية عنَّفها زوجها (يوسف حداد). يسلّط سويد الضوء على طفولة الزوج التي دفعته الى تعنيف زوجته لاحقاً، ونظرته المشوّهة إلى النساء. ما يؤكد بأنّ الانسان يحمل معه ترسّبات طفولته وبيئته بحسب سويد. أما القصة الثانية، فتتناول امرأة مسلمة تعاني من المشكلة ذاتها. وعن الكشف عن الهوية الدينية للشخصيتين، أراد سويد القول بأنّ «تعنيف المرأة لا علاقة له بطائفة أو مجتمع أو طبقة. هناك معنفة طبيبة وأخرى محامية أيضاً، لأنّ ذلك مرتبط أيضاً بالموروثات الاجتماعية». ويبحث طارق عن ممثلة مستعدة للتخلي عن الماكياج والصورة المجملة لتظهر على حقيقتها من دون روتوش، وتجسد بشفافية معاناة امرأة شوهها زوجها أو قتلها أو لا يزال يعنِّفها. هكذا، وقع اختياره على ريتا حايك وماغي بو غصن.
أبقى طارق على التواريخ الحقيقية لكل حالة، معتمداً «أسماء مستعارة تُعرَف من خلالها طائفة المرأة المعنَّفَة» وفق ما يقول. مضيفاً أنّه سينقل أحداث التعنيف كما حصلت بين الرجل وزوجته. وسيسلط الضوء على كل تدخل حصل من رجال الدين في هذه الحالات. ويشير طارق الى أنه قرر عدم اعتماد الاسماء الحقيقية لحالات النساء المعنّفات، إذ أراد الحفاظ على سلامة المرأة التي تعاني من تعنيف زوجها وايضاً على سلامة عائلتها. ولن يُسقِط سويد من نصّه الألفاظ التي يستخدمها الازواج في تعنيف شريكاتهم رغم أنها ستمثل صدمة للمشاهد لأنّها أساسية في خدمة القصة. وسيلجأ إلى إضافة أحداث تخدم المسلسل درامياً، مع الاشارة الى أن الحلقات ستكون مليئة بالاحداث التي روتها المرأة المعنفة أو أفراد عائلتها بعدما أودى التعنيف بحياتها.
يتمنى طارق سويد أن يُحدث مسلسله تغييراً جذرياً للطعن في قانون حماية المرأة من العنف الأسري الذي أقرّه النواب قبل أيام واعتبرته جمعية «كفى» مشوهاً، لأنّه صدر من دون التعديلات التي اقترحتها الجمعية. وأشار الكاتب الى أنه لن يتوقف عن رصد القصص في الدراما، سائلاً: «هل نسي النواب أنهم ولدوا من رَحم امرأة، وهي الأم والشقيقة ونصف المجتمع؟». لكنّه حمّل أيضاً المرأة مسؤولية العنف الواقع عليها لأنّها تنتخب نواباً رفضوا إقرار مشروع يحمي ابنتها أو حفيدتها من التعنيف في المستقبل.