لكن يا صديقيّ،
نحن سنأتي متأخّرين تماماً.
مطلع قصيدة «خبز وخمر» لهولدرلين
كنت قد بدأت قبل فترة قصيرة بتنظيم أوراقي المبعثرة في الدار، بسبب تنقلاتي العديدة وخوفي من التنظيم الصارم الذي يعني لي أحياناً التوقف والانتظار في برزخ الحياة الطويل، وكذلك بسبب تغيّر مسكني بعد الطلاق والانفصال عن ولديّ. فرأيت أن أفرغ ذاكرتي من هذه الأوراق ومن ماضيها ومن غبارها، لأن الأوراق القديمة دائماً ما تحمل في طياتها ذلك الحزن العميق والفتّاك الذي يمسك بعنقك كالجاثوم حالما تقترب منها. فعثرت هذه المرّة على رسالة كان سركون بولص قد بعث بها من سان فرانسيسكو بتاريخ 14 أيار 2005، وربما كانت الرسالة الإلكترونية الوحيدة التي أتلقّاها منه. وعندما قرأتها من جديد، بعد رحيله، وجدت أنها، وعلى الرغم من قصرها، تكشف الكثير عن حقيقة هذا الشاعر وصدقه وفهمه الدقيق لعملية الإبداع الفنّي. ورأيت أنها تحفل بالآلام التي راكمتها أعوام العزلة والاغتراب في قلب هذا الإنسان النقيّ السريرة الذي سكنه هاجس الشعر منذ الصغر، كما لو أن الشعر رسالة سماوية بعثتها إليه آلة آشور وبابل؛ ليقيم نظاماً جمالياً آخر، بديلاً لهذا العالم الخرب الذي ينهار أمام أعيننا يوماً بعد يوم، بل ساعة إثر ساعة. وبما أنها رسالة ليست شخصية تماماً، فقد ارتأيتُ أن أنشرها هنا قبل الحديث عن رحيل كاتبها.


«عزيزي حسين
سان فرانسسكو 14 أيار 05
يبدو أن الرياح تهب من كلّ فُجّ وصوب، عاصفة في كلّ الجهات، والويل لهذا القارب الذي حمّلناه بالقليل مما بقي من ذكريات وأحلام أخذت تتقصّف بشكل متواتر مع كلّ خبر شنيع، ومقلتة، ومهزلة كبضعة أعواد من قصب. لقد استتبّت الوتيرة، وضاقت الأنشوطة حول العنق. لا أدري إلى متى سوف نستيقظ لنواجه نفس الصور (نفس الجثث والأشلاء) كلّما فتحنا الجريدة. كم مرّة قلت لنفسي: يلعن أبو الجريدة، إلق بها إلى المزبلة! ومع ذلك، أجد نفسي أفتحها مرّة أخرى. محكومون نحن، كما يبدو، بأن نكون شهوداً مكتوفي الأيدي يتطلعون إلى الضفاف، بينما سفينة العراق المحترقة تعبر أمام أعينهم، محمولةً على موجة الدم. سوى تلك اللحظات المباركة حقّاً، عندما تأتينا بضعة أبيات من لامكان، أشلاء فكرة، نبضات قصيدة – هدية صغيرة من إله ما زال يحبّنا، ليس كتلك الآلهة الأخرى التي ترود ساحة أيّامنا هذه، متعطشةً للقتل، ولا تعرف سوى البطش. إذاً متذرعاً بهذا العزاء الصغير، وجدت نفسي أتساءل إن لم يكن وقت الكتابة إليك قد حان. ووقت بعض القصائد التي وعدتك بها منذ آجال، أيضاً.
بالإضافة إلى أنني، بذلك، سأكون قد صوبّت حجراً واحداً إلى شجيرة يتقوّل فيها غرابان بأنني سأوصل رسالتي إليك بيدي عندما أصل إلى كولون! وأنت تعرف الغرابين: السموأل بن عاديا وراعي السماوة المقدام، وكلاهما عزيز. أتمنى لهما النجاح في تقوّلاتهما القادمة، في شجيرة أخرى!
والحقيقة أنني سآتي إلى ألمانيا في بداية تمّوز، إذا سارت الأمور على ما يرام، ليس لأنني تلقيّت دعوة إلى مهرجان في جنوب فرنسا وحسب (يبدو أن الغربان والواويّة في أوروبا كلّها تدري بالأمر)، بل لأن وقت الإفرنقاع من هذا المكان أيضاً قد حان، قبل أن أختنق. التلوّث ليس في البيئة وحدها. السوقيّة هنا بلا ضفاف. الرأسمالية عندما تصير مستنقعاً بشريّاً، كلّ من فيه ضفدع يتسلّق أكتاف صاحبه في أسفل السلّة. ولا بدّ لي هنا من تعليق على الكنايات – هناك سوق قريبة منّي أخذت أشتري منها حاجياتي منذ سنين، سوق غير عادية على الإطلاق، يملكها الصينيون ويديرونها على شاكلة الأسواق في الصين، ويا له من معرض عجائبيّ للشرق، وأعني الشرق الحقيقيّ. الشرق الذي لا يوقفه شيء عن كونه شرقاً، لا زلازل التاريخ ولا مكائد الأعداء. في هذه السوق يا عزيزي حسين، ترى ما لن تراه في أسواق الغربيين «المعقّمة» من كلّ أثر يدل على بشاعة مسألة الأكل، العلف الذي يعتمد عليه البشر. هنا تجد صفّاً من القصابين بسواطير هائلة ومريلات ملطخة بالدماء، يقطّعون الخنزير أشلاء أمام عينيك. تجد في صفوف من الأحواض أسماكاً حيّة من كلّ الأصناف، حتى الأقراش، والسلطعونات. وتحتها في سلال كبيرة، ضفادع مكومة فوق بعضها بالمئات. لم أكن أدري أنها حيّة، حتى رأيت بضعة منها تتحرك، فجأةً، ثم تهمد ثانية. عندكم الأتراك، وعندي الصينيون. ماذا تريد أكثر؟
أرجو لك أوقاتاً طيّبة يا أبا الموز، وإلى أن أراك
المخلص سركون الأكدي».
لكنني لم أرَه ثانيةً، حتى بعد مجيئه إلى برلين، حيث أقيم أنا وحيث فارق سركون الحياة. أتيت لأراه بعد وفاته، في تلك الدار الموحشة، الملقاة وحيدةً بمعزل عن مبنى المستشفى، كما لو أنها هي نفسها جثّة. ولن أغفر لنفسي أبداً بأنني لم أرَ سركون قبيل رحيله.
كان الشاعر الألماني غوتفريد بن يطلق على «دار الموتى» اسم «مورغ»، أي معرض الجثث المجهولة، وقد جعل من هذا الاسم عنواناً أيضاً لمجموعته الشعرية الأولى التي ضمّت قصائده الحداثية أو عملياته الجراحية الشعرية التي كان يجريها على الوجود الإنساني آنذاك، بغية أن يتوقف المرء لحظة ليتأمل ذاته، فيعيد صياغة العالم من نقطة الصفر. وكانت جثث بن الملقاة في الصالات الكبيرة الموحشة والتوابيت التي تجد لها فجأةً وظيفةً شاغرة وكذلك أسرّة المستشفيات التي تستقبل محتضرين جدداً والردهات الطويلة المقبضة الهدوء تذكّر كلّها بذلك الحدث النهائي الذي لا ريب فيه.
هذه الصور اللاشعرية في الواقع اجتمعت في ذهني عندما أتيت لألقي النظرة الأخيرة على جثمان سركون بولص المسجى في مستشفى «فريدرشسهاين» في شرق برلين. كنت برفقة خالد المعالي وصموئيل شمعون اللذين ذكرهما سركون في رسالته واللذين أوكلا لي مهمّة السؤال عن مكان جثمانه، ربما باعتباري أكبر منهما سنّاً. فقيل لنا إنّه يرقد في «البيت الثامن عشر»، لكنّنا لم نعثر في ردهات المستشفى على أثر لهذا البيت. وكان هناك عدد من المرضى والزوّار الذين يحملون زهوراً، وأملاً أيضاً برؤية ذويهم وقد تماثلوا للشفاء. بيد أننا جئنا وقد انقطع أملنا، ولم يبق أمامنا سوى اليقين بأننا لن نعثر على صديقنا حيّاً بعد اليوم أبداً.
أخيراً علمنا بأن البيت الثامن عشر يقع خارج المستشفى، على مسافة أربعين أو خمسين متراً. وهو مبنى مستقل يحمل اسماً «شعرياً» إلى حدّ ما، لا يهدف بالطبع إلى أن يعرّض الأحياء للصدمة النفسية، بل ليخفف عنهم ربما هول الصدمة: «الجناح الباثالوجي».
فهو منزل لا يختلف كثيراً عن المنازل الكبيرة المأهولة، لكنّ سكانه كانوا هذه المرّة من الأحياء ذات يوم، وحارسهم ذو المريلة البيضاء والسلسلة الذهبية في العنق، والتي لم تكن مألوفة بلا شكّ في زمن غوتفريد بن، كان الشخص الوحيد الذي يحرسهم ويتحدث بلسانهم.
وفكرت بأنني لم أقُم بزيارة سركون عندما كان يرقد حيّاً في المستشفى، لأنني لم أكن أصدّق بأنه كان موشكاً على الرحيل، وكنت أخشى في الوقت ذاته من أنني قد أسلبه بعض وقته وراحته؛ فجئت متأخراً كالعادة لأزوره في بيت الموتى.
وقفنا أمام البيت الثامن عشر في ذلك اليوم الخريفي الشاحب الصفرة، الذي بدا نفسه محتضراً ومهجوراً مثلما كان سركون؛ في ذلك اليوم الشديد السكون من أيام تشرين الرقيقة الاصفرار والتي جعلها ريلكه رمزاً للحياة المترعة بالمعرفة التي تلازم الشاعر حتّى في نزعاته الأخيرة، الشاعر الرائي بطبيعة الحال، وسركون بولص الذي كان رائياً وهو في سكرات موته تحدث لي قبل أسبوع من رحيله، وبصوت واه متهدج، ونبرات واضحة، عن أولئك الذين أراد أن يودعم باعتزاز وحبّ وطيبة قلب!
قال إنّه لم يعد يفكّر إلا بالأصدقاء والأهل والشعر، أيّ بما سيتركه للناس من إرث أدبيّ؛ ولم يشغل باله شيء سوى ذلك الهمّ الكبير والإرث العظيم. وعندما تأملت إجابته هذه وجدتها منطقيةً وبديهيةً، لا تختلف عما فكّر به العراقيون القدماء الذين خلّفوا وراءهم حضارة من طين على الأغلب، مشرفة على الانهيار والاندثار في كلّ وقت، لأنهم لم ينظروا إلى الخلود من نواح غيبية محض، أي بمفهوم الآخرة والخلود والانبعاث مثل نظرة الديانات السماويّة الساميّة، بل إلى العمل الفردي الذاتي، أو البيولوجي، أي ما يتبقّى من نتاج إبداعيّ وذُرّية. ويبدو أن العراقيين المعاصرين لم يشذّوا اليوم كثيراً عن تلك القاعدة الجوهريّة، فهم الشعب البعيد تماماً عن التديّن، الشعب غير المؤمن أبداً إلا بمبدأ الخلود الإبداعي المادي، وليس خلود الجنّة والنعيم. فسركون بولص لم يخلّف أبناءً بالمعنى البيولوجي، بل خلّف قصائد كفيلة فعلاً بتخليده في نهاية المطاف أكثر مما يمكن أن تفعله الديانات السماوية.
وهذه باعتقادي هي النظرة الماديّة الوجوديّة التي صنعت شعره بالأصل، أو التي قادته إلى صناعة الشعر كما كان يفعل الحرفيّ القديم. فهو، وإن كان صانعاً حرفيّاً للصور، لكنّه ظلّ يؤمن بالأسطورة إيماناً مطلقاً، وليس الأسطورة بتجسّداتها المادية، لأنه كان يعلم بأن الأسطورة ستنتهي لا محالة إذا ما تجسّدت ماديّاً، بل كان يؤمن بميتافيزيقيا الأسطورة، وبأطيافها الداخلية، وبأحلام الآشوريين والبابليين وأوهامهم. فكان متأملاً حالماً، ومتأنياً أيضاً، أي أن شعره كان يحمل أبعاداً تاريخية ماضوية بعيدة الغور، وإن بدا صارماً في واقعيته ومحاكاته لما هو يومي عابر مثل قتل الخنزير على الطريقة الصينية أو قتل الإنسان على الطريقة الإسلامية. فسرّه الإبداعي هو الأسطرة، وبطله الشعري هو الزمن والوجود، وإلّا فما معنى أن تكون شاعراً، وترى شعرك يحتضر أمامك لحظة بعد لحظة؟ فكم مرّة يموت الشاعر في اليوم الواحد!
وسركون بولص هو شاعر الشيء، ومرمّزه، وهو يقوّض أيضاً ذلك العالم القديم المتداعي ليشيّد عالمه الجديد، أو رؤيته الشعريّة. وإلّا فما هي «أسطورة الرعشة والريح المؤاتية»؟ وما الذي تفعله «الحياة قرب الأكروبول»؟ وما قيمة «ملاحظات السندباد إلى شيخ البحر»؟ وربما ليس هناك قصيدة واحدة لسركون بولص تكون خالية من الإحالات الأسطورية والتاريخية. فشعره هو إعادة صياغة لما هو يومي، أي صياغة ما هو مركّب من اليوميّ البسيط. ومثلما كان ريلكه ينظر إلى الخريف باعتباره نضجاً ومعرفة متأخرين، وليس تعاقباً زمنياً، وإلى الشجرة باعتبارها رمزاً زمنيّاً للحياة والوجود الفانيين والمتجددين، فإننا نرى مفردات الواقع اليومي في قصائد سركون مشحونةً حدّ التوتر بالموروث الفكري والثقافي، والإنساني بصورة خاصة، لبلده العراق والذي أشرف منذ زمن على الاندثار. وهذه هي خصوصية شعره الذي يمكن أن نطلق عليه سمة «الشعر العراقي المرمّز». فالأشياء بالنسبة له عبارة عن رمز زمنيّ لا يفقه معناه إلّا من أدرك أن هذا الرمز يشير فقط إلى حالة أشدّ غموضاً من إدراكنا اليومي لها، ولا بدّ من أن نشحذ لها الخيال ونعدّ لها عدّة التأمل والبناء التفكيريّ لنعيش في قلبها، وباستثناء ذلك لن تكون هناك معرفة إنسانية أو رؤية جمالية على الإطلاق. وبهذا المعنى أيضاً يصبح الشعر لحظة تدوين أسطورة الحياة المجهولة نفسها، الحياة الوجودية الغامضة، الحياة قرب الأكروبول على سبيل المثال.
ولا يمكن أن أنسى يوماً ما قاله لي سركون في مكالمة هاتفية، مردّداً مقولة للمفكّر اللبناني أنطون سعادة، بأنك إذا ما أردت أن تقضي على شعب كامل فما عليك إلّا أن تسطو على أسطورته، فتكون بذلك قد سلبته روحه. فهو كان يعلم أنّ أسطورة وطنه العراق تسرق الآن علناً، وسفينته تمرّ أمام أعيننا محترقةً، بينما نقف نحن المهجورين على الضفاف مكتوفيّ الأيدي بعدما استباح الغزاة وأذنابهم بلدنا وأوكلوا أمره إلى القتلة المعممين، شيعةً وسنّة وأكراداً، وإلى أعداء الثقافة والإنسانية. وكان سركون يعلم ذلك كلّه قبل حدوثه، وربما كان يعلم بأنهم لن يتورّعوا عن الإساءة إلى قبره، إذا ما عنّ لأحد دفنه في أرض أجداده، أرض الأساطير. لكنه كان يعلم من ناحية ثانية بأن الغزاة اللصوص الجدد من العراقيين سيعجزون عن سرقة تركة سركون بولص، لأنها باتت ملكاً مشاعاً لنا كلّنا، نحن الذين لم نقدّم له إلّا القليل في حياته، وهو الذي قدم لنا كلّ شيء في حياته ومماته.
مفردات الواقع اليومي في قصائد سركون مشحونة حدّ التوتر بالموروث الفكري والثقافي لبلده


لقد كان موت ريلكه حدثاً عابراً، لم يتوقف عنده التاريخ ولا الزمن، هكذا وصف روبرت موزيل موت الشاعر ريلكه الذي كان أهم شاعر باللغة الألمانية على الإطلاق.
وهكذا كان موت سركون بولص «حدثاً عابراً» في ذلك اليوم المنسي من أيام تشرين المرهفة الاصفرار الناضجة مثل زمن من رماد. وكان حارس الجثث ذو السلسلة الذهبية السميكة، التي وثقّت انتماءه إلى عالم الأحياء، على عجلة من أمره، كأنه لم يعد يصغي إلا لنداء الموتى، فلا يرى ضرورة في تضييع الوقت مع الأحياء. فكان مونولوجياً مطلقاً، لا يجيد سوى مخاطبة الموتى كما لو أنه لسان حالهم، إذ لم يعد لهم حال ولا لسان، هكذا كانوا مهجورين ومنسيين في البيت الثامن عشر. وكان وجه حارس الجثث وسكرتير الموتى شاحباً وبارداً برودة الفولاذ وكان سريعاً في كلامه. ولن أنسى صوته المخيف في الهاتف الذي باغتني وأنا في عربة الترام، ليؤكّد موعد نقل جثمان سركون. قال إنّ الميت هو في المرحلة الأولى من الموت، وغير مستعد بعد لاستقبال الأحياء. ومن الأفضل لو أتينا في يوم رحيله إلى مثواه الأخير في سان فرانسيسكو، فحينئذ سنرى ربما ابتسامة ترتسم على محياه، لعلها تكون ابتسامة لامبالاة شاعر صوفيّ لا همّ له سوى الرحيل.
نعم، كان سركون بولص متماسكاً روحيّاً وذهنياً طوال حياته، وقليل الشكوى، حتى في لحظات صراعه المرير مع المرض، ومتواضعاً في متطلباته الحياتية، لكنه لم يكن متواضعاً قطّ في ما يتعلق بالعمل الفنّي والإبداع. فكان صبوراً في تعامله مع القصيدة، يختار صورتها وموسيقاها وعبارتها بتأنٍّ ودقّة متناهيين. وهكذا اختار موته أيضاً، وحيداً ومنفيّاً. ولذلك يصعب عليّ مجاراته في قوله بأنّ:
«البدء نختارهُ
لكنّ النهاية تختارنا
وما من طريق سوى الطريق»
فقد اختار سركون بولص نفسه موته الخاص به، موته السركونيّ بامتياز، موت الآشوري الذي رأى سفينة بلده تحترق، ومعها نحترق نحن، مكتوفيّ الأيدي.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا