بعد أشهر من وصولي إلى ألمانيا عام 1980 تم ترتيب لقاء في مدينة هانوفر الألمانية. ضم العديد من العراقيين المعارضين من مختلف المشارب. وقتها، تعرّفت إلى حسين الموزاني (1954-2016)، ومذذاك ربطتنا القراءات الأدبية والعامة، كذلك ادّعاء الكتابة والمزاج العام ربما، كذلك النشأة الفقيرة، فصرنا نتكاتب بشكل مستمر ونتبادل الزيارات. لكني بعد وفاته، لم أجد له إلا رسائل قليلة، رغم أن الموزاني كان صديقاً، وأيضاً كاتباً نشرت له جميع أعماله باللغة العربية وترجماته إليها. ربما كانت شخصيّته إشكالية ومزاجية تماماً، لهذا كنّا نخوض صراعات ضد بعض، وربما نلجأ، أو أنا على الأقل، ألجأ غضباً إلى تمزيق الرسائل مسبّباً خسائر لم أكن أعي فداحتها إلّا متأخراً. لكن فترات الصدام والزعل وأسبابه سرعان ما تنتهي أو تختفي. وهو وربما بسبب سوداوية ما، فيه سمات من أبطال ديستويفسكي، خصوصاً في «الجريمة والعقاب»، الأمر الذي دعاه، حينما كنت أذكر له هذا الشبه، إلى أن يخبرني ونحن في حالات صفاء، أنه حتى لو وضعوا التاج على رأسه، فلن يغيّر من الأمر شيئاً... كذلك نجد هذا التأكيد أيضاً لديه في بعض الشذرات غير المنشورة هنا، وكذلك في رسالة قديمة منه. كنّا نعيش على الحافة... منذ البداية... وحتى لحظات الضعف التي كانت تصيبنا أو أصابتنا، لم نعرف كيف نتعامل معها. باختصار كنّا خارج القطيع، لكن هذا التقليد لم يكن واضحاً لنا، ولم نكن نعرفه، بل كنا تحت رحمته. وحينما عبرنا ذلك الطريق الوعر وتلك الجسور التي توشك على السقوط ونحن نضحك ونتأمّل الطبيعة، لم نكن نعي هذا العبور وأهميته، ولم نكن واعين لفداحة المسار الذي خضناه... في ملف أعماله التي لم تنشر أو لم يضمها كتاب بعد، وجدتني أمام مجموعة كتب ربما تضاهي ما نشره في حياته... هذه وغيرها سيتم نشرها تباعاً خلال عام 2021
* شاعر عراقي وناشر دار «الجمل»

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا