خسرت بيروت نسبة كبيرة من تراثها العمراني بعد الحرب، وخلال فترة إعادة الإعمار التي نسفت ما تبقّى من وجه المدينة. هذه المرّة عاد الحديث عن إعمار المدينة لكن بعد ثلاثة عقود على انتهاء الحرب. خلّف انفجار المرفأ دماراً هائلاً في الأبنية التراثيّة في المدينة، خصوصاً تلك التي تتوزّع في أحياء مار مخايل والجميزة والأشرفيّة. تجاوز عدد الأبنية التراثية المهدّمة والمتضرّرة الـ 600، وفق الإحصائيات التي أقامتها «المديرية العامّة للآثار»، بتوصية من وزارة الثقافة. طوال هذه الفترة، عملت المديرية على مسح وترميم المباني بالتعاون مع مركز الترميم والمحافظة في الجامعة اللبنانية، إضافة إلى «المركز العربي للعمارة» وبدعم من «اليونيسكو»، و«إيكوموس»، و«إيكروم»، و«آبساد» وجمعيات أخرى.
تراث بيروت العمراني

مقابل الخسائر البشريّة والمعنويّة، كانت تنتظر بيروت كارثة أخرى هي الإرث العمراني الذي لا تكفّ أيدي المستثمرين والشركات الكبرى عن العبث به في أيام السلم. الحفاظ على الأبنية التراثية يتمثّل بتأمين الدعم والتمويل للحفاظ عليها وترميمها، إذ أن التكلفة تقدّر بـ 300 مليون دولار خصوصاً أن هناك عشرات الأبنية المهدّدة بالسقوط التام. حتى الآن، قامت الفرق العاملة بتدعيم هيكلي مؤقّت لعدد من هذه الأبنية، أمام دعوات وزير الثقافة والزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى إلى ضرورة الإسراع في تأمين التمويل. علينا أن ننتظر الوقت والأشهر المقبلة لتلمّس النتائج. ورغم هول المأساة، نالت الأبنية التراثية الحديثة المنجزة قبل عام 1971 حقّها أخيراً، بعدما قرّر «المجلس الأعلى للتنظيم المدني» إحالة جميع طلبات الترخيص والتصاريح لترميم الأبنية المنجزة إلى المديرية العامة للآثار، لاتخاذ التدابير المناسبة. هذه الأبنية التي تشكّل علامة من حقبة مضيئة من تاريخ العمارة في بيروت يتم ترميمها حالياً تحت إشراف «المركز العربي للعمارة».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا