وإذا كان من سؤال يثار اليوم عن سرّ تميّزه، فلتجربته محطّات عدة منها صداقاته بالأدباء والفنانين، ما دفعه ليكون بعمله نداً لهؤلاء، لا يقلّ إبداعاً وتمرّداً عنهم. هو ليس مجرّد مصوّر عابر في تاريخ الثقافة العراقية. كان على استعداد للتجوال، صيفاً وشتاء بين الأحياء والحارات البغداديّة، يلتقط حيوات متفرّدة بين المحال القديمة والشوارع والشبابيك، ليبثّ فيها روحاً أخرى. استثمر سنوات اغترابه عن العراق بين الأردن وأميركا، ورحلاته إلى اليابان وايطاليا ودول أخرى، لمنح بصيرته قدرة على امتلاك مفاتيح التجاوب مع بيئات جديدة تحمل غناها وخصوصيتها، وتمكّن من تجسيدها بأروع الالتقاطات وبميل واضح إلى الواقعية.
خمسة عقود هو عمر مسيرته في عالم الصورة، بدأت عام 1960، وهو يصوّر بساتين النخيل في منطقة المشخاب في محافظة النجف، وأصدر كتابين هما «فوتوغرافيون عراقيون» (الدار الوطنيّة للطباعة والنشر ـ 1988) و«مدارات الضوء» (مطبعة الزاوية ـ 2006). وأقام ما يقرب من 30 معرضاً، من بينها «عزف الأمكنة» في بغداد (1991)، و«الحياة العراقيّة» في باريس (1992)، و«نهارات المدن العراقيّة» في الولايات المتحدة، قبل أن ينظّم أخيراً معرضه الأخير في «المركز الثقافيّ» البغدادي في شارع المتنبي.
أرّخ بغداد ويومياتهانال العديد من الجوائز آخرها تكريمه بلقب رائد في «ملتقى الشارقة للصورة العربيّة»، تثميناً لجهوده في توظيف الصور في نقل حياة الناس بأفراحها ومعاناتها، وسيتمّ طبع كتاب «فؤاد شاكر ذاكرة المدينة والرماد» في الشارقة متضمناً أرشيفه الفوتوغرافيّ بين عامي1960 و2013. لكن في زمن الطوائف، هل من صوت لأمثال فؤاد شاكر؟ ما من أحد في المؤسسات المعنية في العراق تحدّث عن تراثه.
وحيوات المنسيين في صوره الفوتوغرافية
أين سيذهب؟ ومن سيهتم به؟ وإذا كان قد لحقه الغبن والحيف في حياته، فهل كثير عليه أن نطلق اسمه على أحد شوارع بغداد، المدينة التي أحبّها قتلته أرصفة النسيان فيها. وليس أكثر تعبيراً عن الحزن بفقده من كلمات ابنته اسراء على صفحته على الفايسبوك: «لطالما أجاد القدر دور الخيانة مثلما فعل اليوم بي. سوف لن يكون لي موعد جديد مع أبي فقد غادر التقويم إلى الأبد وتركني بلا زمن».