يبدو أنّ النجاح الذي حقّقه باسم يوسف فتحَ شهيّة الشباب العربي على تلمّس خطاه في عالم الـ«ستاند آب كوميدي». السهولة التي يتيحها يوتيوب في بثّ الأشرطة المصورة، ونجاح الإعلامي المصري الساخر في اعتماد الموقع منطلقاً لتجربته، عاملان أساسيان في تحوّل الموقع إلى منبرٍ لمعظم التجارب الجديدة. هنا تبرز الفنانة السورية الشابة ديمة سلّوم، بوصفها صاحبة سبقٍ «أنثوي» وسط تلك التجارب، إذ أطلقت قبل شهرٍ شريطها الأوّل عبر قناة «يوتيوبية» خاصة بها.
من دون تردّد، تطلق سلوم على تجربتها صفة «برنامج»، وتختار له اسم «مع ديمة سلوم» (إعدادها وتقديمها). تقول في التعريف عن برنامجها إنّه «ستاند آب كوميدي سوري، تضيء فيه على مواضيع شبابية معاصرة». حملت «الحلقة» الأولى اسم «البنات» (13 د) إذ قدّمت الشابة العشرينية محاكاة ساخرة لنماذج أنثوية تحفل بها المجتمعات العربيّة. اعتمدت سلّوم طريقة أقرب إلى «كوميديا الفارس» farce، وتغرق في المبالغة في أدائها وانفعالاتها، ما يحوّل «البنات» إلى فاصل يُشبه وصلةَ تقليد اعتاد أحدٌ ما على تقديمها وسط أصدقائه، قبل أن يقرّر تحويلها إلى برنامج تحت ضغط تأكيدهم الدائم أنّه «مهضوم». لكنّ هذه «الهضامة» المفترضة لا يُمكن لها أن تُشكل الدعائم الكافية لـ«الستاند آب كوميدي». ثمة اختلاف كبير بين التقليد بوصفه فعلاً يوميّاً يقوم به «مهضوم الشلّة»، وبين المحاكاة الناقدة. إضافة إلى أنّ تجميع النماذج المستهدفة بالتقليد لا يكفي ليكون قوام عملية «الإعداد» التي يُخبرنا الشريط أنّ سلّوم تولّتها شخصياً.
تعرض برنامجها على الانترنت لتنتقد ظواهر اجتماعية وسياسية


ولأنّ للإطلالة الأولى دائماً بريقها، حظي الفيديو الأوّل بحفاوة على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً بين الأصدقاء الذين راحوا يترقبون الحلقة الثانية التي وُعدوا بها. على النهج نفسه، جاءت حلقة «الشباب» (الثانية ــ 8:09 دقائق) التي جرى خلالها تقليد نماذج اجتماعية اختارها «الإعداد». لكن الجديد هذه المرّة تمثّل في استعانة سلّوم بمؤدّين إضافيين، لم يشذّوا عن الأسلوب العام القائم على المبالغة المجانيّة. كذلك، كانت ردود الفعل مختلفةً على خط الـsocial media. أكّد معظم المعلقين أنّ الحلقة السابقة كانت أفضل. هذه التعليقات دفعت سلّوم إلى إعادة طرح الحلقة الثانية بعد اجتزائها (5:45 دقائق)، أملاً في شدّ إيقاعها المترهّل. فهل يكون «عطّار» المونتاج، كافياً لإصلاح ما أفسده الدهر؟
على أي حال، تبدو الشابة مصرّة على مواصلة محاولتها (أمرٌ مشروع طبعاً)، متسلّحةً بـ«النجوميّة المبكرة» التي ربّما كان أوّل تجليّاتها عدم توافر الوقت للحديث إلى وسائل الإعلام. فـ«النجمة» طلبت قليلاً من الوقت قبل الرد على أسئلتنا بسبب «كثرة انشغالاتها». ولأنّ لـ«مبكري النجومية» مواقيتهم الخاصة، تنقضي أيّام وأيّام، من دون أن تتجاوب سلّوم مع محاولاتنا المتكرّرة للتحدّث معها.