في البحرين، الكاميرا تهدّد النظام، فقط في البحرين، تُحاكم الصورة والكلمة. مصوّرون مجهولون ينشرون يومياً مئات الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، ويعملون ليل نهار على إبقاء الثورة البحرينية ثورة غير منسية. لا يتعبون من ملاحقة القاتل بالصوت والصورة، موثّقين جريمته، ومسجّلين ضدّه لقطة جديدة سيراها العالم ولو بعد حين. حَمْل الكاميرا في البحرين مغامرة قاتلة، ودليل إدانة لحاملها. لن نعرف أسماء كثير منهم قبل أن يسجنوا أو يستشهدوا.
أحمد إسماعيل مات لأنه مصوّر، أحمد حميدان اختطف لأنه مصوّر. حسين حبيل سجن لأنه مصوّر. وأحمد الموسوي عُذب لأنه مصوّر. بسبب كلمة مغايرة لخطاب الدكتاتور، ستسجن وتعذب وتقتل. زكريا العشيري وعبد الكريم فخراوي قتلا تحت التعذيب بتهمة التدوين، فيما اعتقل العشرات بتهمة «إهانة الملك على  تويتر». يبقى قنّاصو الصورة والمدوّنون مصرّين على بقاء الثورة المنسية حاضرة في العالم الافتراضي، وشهوداً على بقاء العدسة والكلمة الحرة مقابل رصاصة الديكتاتور. لن تسمع هذه القصة في مكان آخر، كأنها مشهد متخيّل من عين الكاميرا، أوامر «المخرج» تأمر فواز الصميم الضابط في إدارة «مكافحة الجرائم الإلكترونية» بالوقوف والتعريف عن هويته الصريحة في المحكمة لتسجيل شهادته ضدّ الفوتوغرافي حسين حبيل، والناشط الالكتروني جاسم النعيمي (اعتقلا في 31 آب/ أغسطس 2013)، لينتقل بعدها إلى المشهد التالي: الفوتوغرافي المتهم بحمل الكاميرا، خلف القضبان، يردّ قائلاً «الذي يَمثل أمام عدالتكم اليوم، هو الذي عذبنا تعذيباً قاسياً، جسدياً ونفسياً، وهددّنا بالاغتصاب وباغتصاب أمهاتنا وأخواتنا».
حكم بسجن الناشطين حسين حبيل وجاسم النعيمي

وفقط في البحرين، خرج الجلّاد من باب المحكمة، وصدر الحكم التالي قبل أيام: السجن 5 سنوات على المصور الفوتوغرافي حسين حبيل والناشط الالكتروني جاسم النعيمي بتهمة «الترويج لتغيير النظام السياسي بوسائل غير مشروعة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي» والاشتراك في «شبكة 14 فبراير الإعلامية» المعارضة. حسين حبيل حاز جوائز محلية وعالمية، وجائزة صحيفة «الوسط» البحرينية للصور المحترفة 2013 عن صورة جسّدت خطر الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين السلميين في البحرين. ويأتي الحكم الصادر أخيراً في ظلّ تصعيد حملات الإغلاق لمواقع الصحف الإلكترونية واعتقال مدوّنين ومصوّرين من دون تهم محدّدة. والحصيلة هي ارتفاع عدد الصحافيين المعتقلين خصوصاً المصوّرين الذين يقومون بتغطية وتوثيق الثورة البحرينية إلى 10 معتقلين منذ شباط (فبراير) 2014 حتى اليوم. وكانت منظمة «مراسلون بلا حدود» التي وصفت البحرين بـ«مملكة التضليل»، دانت الحكم الصادر ضد الحبيل والنعيمي ودعت إلى وقف المحاكمات الصورية وإطلاق سراح الصحافيين ونشطاء الانترنت. كما وضعت المنظمة البحرين في المرتبة 163 في مؤشّر حرية الصحافة لعام 2014. الرقابة والاعتقالات والعنف ضد الاعلاميين، واستخدام القضاء للحدّ من حرية التعبير، لطّخت سجل البحرين العالمي، لتصنّفها لجنة «حماية الصحافيين الدولية» (CPJ) في المرتبة الثانية عالمياً من حيث ترتيب الصحافيين المسجونين بحسب عدد السكان.