لكلّ مرحلة نضالية رموزها، وفي "مهنة الشقاء" سيبرز إسم الصحافي الفلسطيني عزيز يوسف التنح (1968-2000) أحد أوائل الشهداء الصحافيين في إنتفاضة الأقصى، التي إنطلقت في 28 أيلول (سبتمبر) عام 2000. قصّة إستشهاد عزيز برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي في بيت لحم في 19/10/2000، ستتقاطع مع قصص إستشهاد زملاء له آخرين، عمّدوا بشجاعتهم وبسالتهم الخبر الصحافي.
سيرته الموّزعة بين غزة التي سكن فيها، وبيت لحم التي عاش وعمل فيها مديراً لـ"وكالة الأنباء الفلسطينية" (وفا)، والأُردن حيث شُيّعت جنازته، تختصر بتفاصيلها الملحمية سير المئات من الصحافيين الذين استشهدوا منذ بدء إنتفاضة الأقصى. حتى وإن لم يكونوا جميعهم في عمر المسيح حينما إستشهدوا، وحتى وإن لم تفصل عشرون يوماً بين زفافهم وإستشهادهم كما في قصّة عزيز.
الاحتلال الإسرائيلي ما زال فصلاً مفتوحاً للإنتهاكات بحق الإعلامي الفلسطيني، من إغتيال وإعتقال وترهيب. آخر سطور هذا الفصل الدموي كان قمعاً لمسيرة الصحافيين بإتجاه حاجز بيتين (شمال شرق رام الله) في اليوم العالمي لحرية الصحافة، وإمطارهم بقنابل الغاز السّام وقنابل الصوت. غياب دور أصيل لـ"نقابة الصحافيين الفلسطينيين"، لامسناه أيضاً في الإنتهاكات التي طالت صحافيين على أيدي إخوتهم. بعد أحداث غزّة عام 2007، خرج المارد من قُمقم السلطة الفلسطينية وحركة «حماس» ليقمع كل صحافي وإعلامي لا يؤيد خطّهما السياسي. وقد تبادلت الجهتان المنع للإعلام الذي إعتبرته تابعاً لـ"الخصم". قامت «حماس» بمنع دخول صحيفتيّ "القدس" و"الأيام" إلى القطاع المُحاصر، ومنعت التلفزيون الرسمي الفلسطيني من بثّ برامجه من غزّة. فيما منعت "سلطة رام الله" دخول صحيفتيّ "الرسالة" و"منبر الإسلاح" إلى الضفة الغربية، ومنعت تلفزيون وإذاعة "الأقصى" من البثّ من الضفة. كل هذا، وما زال الصحافي الفلسطيني يُصارع مارد القمع.