اعتاد الجمهور اللبناني الشغوف بحضور العروض المسرحية أن يشاهد عرضاً مسرحياً كلاسكياً تتوافر فيه كل العناصر الجيدة: الإخراج الناجح، السيناريو المحكم، التمثيل المقنع، وعناصر مسرحية أخرى قادرة على إقناعه بالعمل، لكن في عرض «كاميكاز» لنبيل دغسن، شاهدنا عرضاً أقلّ ما يمكن أن يُقال عنه بأنّه مميز.
إنه الممثل والمخرج وكاتب السيناريو التونسي/ الفرنسي الآتي من عالم غناء الـ slam والمسرح الارتجالي. أتى بعرضه «كاميكاز» الى بيروت، مع نخبة من الممثلين الفرنسيين والتونسيين، ليشاركنا تجربة مسرحية لم يعتدها الجمهور اللبناني.
نحن أمام ما يشبه المسرح. حُوِّلت القاعة الصغيرة من «مسرح مونو» الى بلاتوه تجريبي، وجعلها دغسن مرآة لمعاناة السجين. إنها خشبة قابلة لأن تتفكك وتتحول الى لعبة المخرج الصغيرة بتقديمها كمساحة شبيهة بقاعة محكمة ترافقها أدراج خشبية لجلوس الجمهور.
اختلطت مختلف الوسائل الفنية البصرية في هذا العمل. وهذا ما اعتدناه في أغلب العروض التونسية، وهم المحترفون في هذا المجال. استعان دغسن بشاشة تعرض مشاهد وتقارير اعتدناها في نشرات الأخبار، كما أن استعانته بلوح الشطرنج لم تكن عن عبث. شكلت الواقعية أبرز خصائص العرض. من يقرر مصيرنا ويتحكم بنا؟ هل نحن أسياد أنفسنا؟ وما هي تلك القوة الخارقة التي تتلاعب بحياتنا؟
يبدأ العرض بشاب مستلقٍ كأنه جثة هامدة. نحن أمام السجين بلباسه الأحمر المتهم بقتل 300 شخص في عمل إرهابي انتهى بطريقة مأسوية. فـ«الحظّ» أبقاه على قيد الحياة لأن حزامه الناسف لم ينفجر. هل هذا مصيره؟ أم هي هفوة قدرية؟